الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص117
فإن قيل : فإذا وجبت الفدية في أخذ الشعر منفرداً ، فأولى أن تجب في أخذه مع غيره .
قيل : ليس بصحيح ؛ لأن حكم الانفراد في الشيء ، مخالف لحكم تبعه لغيره ، ألا ترى أن امرأة لو حرّمت زوجة رجل برضاع ، لزمها المهر ، ولو قتلتها لم يجب عليها المهر ، وإن كان في القتل تحريم وإتلاف .
قال الماوردي : أما الأظفار فحكمها حكم الشعر ، يمنع المحرم منها ، ويلزمه الفدية لتقليمها ؛ لقوله ( ص ) ‘ المحرم أشعث أغبر ‘ وتقليمها ما يزيل الشعث ، ويحدث الترفيه ، ولأنه نام يتخلف يترفه المحرم بإزالته ، فوجب أن تلزمه الفدية فيه كالشعر ، فإذا ثبت وجوب الفدية فيه ، فحكمه حكم الشعر ، وإن قلم أظفاره ، فعليه دم كما لو حلق جميع شعره ، ولو قلم ثلاثة أظافر فصاعداً في مقام فعليه دم سواء كانت من يده أو رجله من عضو واحد أو عضوين .
وقال أبو حنيفة : لا يلزمه الفدية الكاملة ، وهي الدم ، إلا لتقليم خمسة أظافر من عضو واحد ، فإن قلم أقل من خمسة أظافر من عضو واحد ، أو قلم خمسة أظافر من عضوين ، لم يلزمه دم واختلفت الرواية عنه ، فما دون الدم ، هل يلزمه أم لا ؟ ففيه روايتان قال : لأن الفدية الكاملة لا تلزمه ، إلا بترفيه كامل . وكمال الترفيه بتقليم خمسة أظفار .
وهذا الذي قاله ليس بصحيح ؛ لأنه إما أن يعتبر كمال الترفيه ، وذلك لا يكون إلا بتقليم جميع الأظافر ، وهو لا يعتبره ، أو ما يقع عليه اسم جميع مطلق وهو مقولنا ثم نقول : لأنه قلم من أظافره ما يقع على اسم الجمع المطلق ، فوجب أن تلزمه الفدية الكاملة ، كالخمسة من يد واحدة ، فإن قلم ظفراً واحداً ، كان كما لو حلق شعرة ، فيكون فيما يلزمه ثلاثة أقاويل :
أحدها : ثلث دم .
والثاني : درهم .