پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص110

والثاني : هو طيب ، وإن كان أصله مأكولاً ؛ لأن قشره يرتابه كالدهن ، كالورد .

فصل

: فإذا تقرر هذا . فالمحرم ممنوع من استعمال الدهن الطيب في شعره وجسده ، فإن استعمل شيئاً منه في شعره ، أو جسده ، فالفدية عليه واجبة ؛ لأنه متطيب ، وأما الدهن غير الطيب . فإن رجل به شعره ، أو لحيته ، جاز ولا فدية عليه . والدلالة عليه ، ما روي عن النبي ( ص ) : ‘ أنه نهى المحرم عن ترجيل شعره ‘ . وقال ( ص ) : ‘ المحرم أشعث أغبر ‘ . والترجيل ما منع من ذلك .

وقال مالك ، وأبو حنيفة : إن استعمل الدهن في جسده ، لم يجز ، وعليه الفدية ، والدلالة عليه رواية سعيد بن جبير عن ابن عمر ‘ أن رسول الله ( ص ) أدهن بزيتٍ غير مطيب وهو محرم ‘ .

وقال أبو عبيد : غير مطيب أي : غير مطيب فإذا ثبت هذا فلا بأس أن يستعمل المحرم الدهن ، إذا لم يكن طيباً ، في جسده دون شعر رأسه ولحيته ، فلو دهن رأسه وكان محلوق الشعر ، لم يجز ، ولزمته الفدية ؛ لأن في تدهين رأسه وإن كان محلوقاً تحسين الشعر إذا ثبت فصار مرجلاً له ، ولكن لو كان أصلع الرأس ، جاز أن يدهنه ، ولا فدية عليه ، كما يجوز للأمرد أن يدهن بشرة وجهه التي لا شعر عليها ؛ لأنه لا يكون مرجلاً وكذلك لو كان في رأسه شجاج قد ذهب الشعر عن موضعها ، جاز أن يستعمل فيها دهناً ، إذا لم يكن طيباً ، ولا يفتدي .

فصل

: إذا طلى المحرم شعر رأسه ولحيته باللبن ، جاز ، ولا فدية عليه ، وإن كان السمن مستخرجاً منه ؛ لأنه ليس بدهن ، ولا يحصل به ترجيل الشعر ، الشحم والشمع إذا أذيبا كالدهن ، يمنع المحرم من ترجيل الشعر بهما .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وما أكل من خبيصٍ فيه زعفران ، فصبغ اللسان ، فعليه الفدية وإن كان مستهلكاً ، فلا فدية فيه ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا أكل المحرم خبيصاً ، أو غيره من الحلواء والطبيخ ، وفيه زعفران ، أو غيره من الطيب ، فإن لم يظهر فيه طعمه ولا لونه ولا رائحته فلا فدية فيه لأن الطيب مستهلك فيه وإن ظهر بأحد أوصافه ، نظرت ، فإن ظهرت فيه رائحة ، ففيه الفدية ؛ لأن رائحة الطيب هي المقصودة ، وإن ظهر فيه طعم ففيه الفدية أيضاً ؛ لأن طعمه في المأكول مقصود ، وإن ظهر فيه لونه لا غير . فنص الشافعي ها هنا ، وفي مختصر الحج ، أن فيه الفدية . فاختلف أصحابنا فكان أبو العباس بن سريج ، وأبو الطيب بن سلمة ، يخرجان المسألة على قولين :

أحدهما : فيه الفدية ؛ لأن لون الزعفران مقصود كطعمه ، ولأن بقاء لونه دليل على بقاء رائحته ، وإن خفي .