پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص90

رفع الصوت بالتلبية فيها ؛ لأنه يؤذي به المصلين والمرابطين ، ثم رجع عن هذا في الجديد ، واستحب رفع الصوت بها في كل مسجد ؛ لأنه ذكر لله تعالى فكانت المساجد أولى البقاع به لقوله ( ص ) : ‘ إنما بنيت المساجد لذكر الله والصلاة ‘ . وروي أن سعيد بن جبير كان يوقظ الناس في المسجد ، ويقول : لبوا فإني سمعت ابن عباس يقول : ‘ التلبية زينة الحج ‘ .

فأما التلبية في أدبار الصلوات المفروضات مستحبة ، وكذا النوافل بخلاف ما قلنا في تكبير أيام التشريق ، فأما التلبية في الطواف ، فقد كرهها الشافعي في الإملاء للأثر من ابن عمر أنه قال : لا يلبي حوالي البيت ، إلا عطاء والسائب وروي عن سفيان بن عيينة ، أنه قال : ما رأيت أحداً يلبي طائفاً حول البيت ، إلا عطاء والسائب ولأن في الطواف أذكار مسنونة إن لبى فيها تركها .

فإن قيل : ما الأصل في التلبية ؟ قيل : الاقتداء برسول الله ( ص ) ، وإجابة دعوة إبراهيم ( ص ) حين قال الله تعالى له : ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعلَى كُلِّ ضَامِرٍ ) ( الحج : 27 ) . فأجابه من في أصلاب الرجال وأرحام النساء : لبيك داعي ربنا لبيك ، قال عثمان بن عفان : فكان أول من أجاب إبراهيم حين أذن في الحج بالتلبية ، أهل اليمن فكان هذا أصلها ، ثم جرى الناس عليها ، ووردت السنة بها .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ والتلبية أن يقول ‘ لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ‘ لأنها تلبية رسول الله ( ص ) ولا يضيق أن يزيد عليه وأختار أن يفرد تلبية رسول الله ( ص ) لا يقصر عنها ولا يجاوزها إلا أن يرى شيئاً يعجبه فيقول : ‘ لبيك إن العيش عيش الآخرة ‘ فإنه لا يروى عنه من وجه يثبت أنه زاد غير هذا فإذا فرغ من التلبية صلى على النبي ( ص ) وسأل الله رضاه والجنة واستعاذ برحمته من النار فإنه يروى عن النبي ( ص ) ‘ .

قال الماوردي : أما لفظ التلبية وصفتها ، وما روي عن رسول الله ( ص ) فيها فهو ما حكاه الشافعي ، وقد رواه ابن عمر ، وجابر ، وعبد الرحمن بن عوف ، وابن عباس ، وعائشة ، وأبو