پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص85

أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ أتاني آتٍ في هذا الوادي المبارك ، فقال : قل لبيك بحج وبعمرةٍ ‘ وروى ابن سيرين عن أنس قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ لبيك حجاً حقاً تعبداً ورقاً ‘ .

والقول الثاني : إن الأولى الإمساك عن ذكره ، لرواية جابر بن عبد الله قال : ‘ ما سمى رسول الله ( ص ) في تلبيته قط لا حجاً ولا عمرةً ‘ . وروى نافع عن ابن عمر أنه قيل له أيسمي أحدنا حجاً أو عمرة ؟ فقال : أتنبؤن إليه بما في قلوبكم إنما هي نية أحدكم ‘ .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن لبى بأحدهما فنسيه ، فهو قارن ‘ .

قال الماوردي : هذا كما قال : إذا أحرم بأحد نسكين ، ثم نسيه فلم يدر أبعمرة كان إحرامه أم بحج ؟ فالصحيح في مذهبه والمشهور من قوله ، وما نص عليه في أكثر كتبه أنه يكون قارناً ، ولا يجوز له التحري . وقال في القديم في باب وجه الإهلال ومن لبى ينوي شيئاً ، فنسي ما نوى ، فأحب إلى أن يقرن ؛ لأن القران باق على ما نوى ، وإن تحرى رجوت أن يجزئه إن شاء الله ، فاستحب له أن يقرن ، وجوز له أن يتحرى فخرجه أصحابنا على قولين :

أحدهما : وهو قوله في القديم : يجوز أن يتحرى فيهما ويجتهد ، كما يجوز أن يتحرى في الإنائين ، ويجتهد في القبلة عند اشتباه الجهتين ، وفي الصوم عند اشتباه الزمانين .

والقول الثاني : أن يكون قارناً ، ولا يجوز أن يتحرى ؛ لأن التحري إنما يجوز عند اشتباه ما ليس من فعله ، كالإنائين والجهتين ، فأما عند الاشتباه في فعله فالتحري غير جائز فيه ، وإنما يرجع فيه إلى العلم ويبني فيه على اليقين كما لو اشتبه عليه أداء صلاة وأعداد ركعات عمل فيه على اليقين ، ولم يجز الاجتهاد ، فكذا الإحرام ، لما كان من فعله وجب أن يعمل فيه على اليقين ، فينوي القرن ولا يسوغ له الاجتهاد ؛ لأن الاجتهاد والتحري إنما يجوز فيما عليه ، دلالة تدل على صحته ، كجهات القبلة والأواني ؛ لأن على القبلة دلائل ، وعلى تنجيس الأواني دلائل يمكن الرجوع إليها ، والاستدلال بها ، فجاز الاجتهاد فيها ، وليس على النسك الذي أحرم به دلالة ، يعمل عليها ، ولا أمارة يرجع إليها فلم يجز له الاجتهاد ، ولزمه الأخذ باليقين ، وأما إذا شك ، هل كان قارناً أو مفرداً أو معتمراً ؟ فقد اختلف أصحابنا ، فعلى قول البصريين : يكون قارناً ولا يجوز له التحري ، قولاً واحداً ، وعلى قول البغداديين ، يكون على قولين كما مضى ، وكلام الشافعي في القديم محتمل .