الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص77
قال الماوردي : وهذا صحيح ، يستحب لمن أراد الإحرام لحج أو عمرة ، أن يغتسل من ميقاته ، لرواية جابر بن زيد بن ثابت عن أبيه أن النبي ( ص ) : ‘ اغتسل لإهلاله ‘ . وروى جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهم عن جابر قال : ‘ لما صرنا بذي الحليفة نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر ، فأمرها النبي ( ص ) أن تغتسل للإهلال ‘ . وسواء في ذلك الرجل ، والمرأة ، والطاهر والحائض ؛ لأن رسول الله ( ص ) أمر أسماء بالغسل وهي نفساء ، وليس الغسل فرضاً يأثم بتركه ، وإنما هو استحباب واختيار ، قال الشافعي : وما تركت الغسل للإهلال قط ولقد كنت أغتسل له مريضاً في السفر ، وإني أخاف ضرر الماء وما صحبت أحداً أقتدي به فرأيته تركه ولا رأيت أحداً عدا به أن رآه اختياراً .
فإن تعذر عليه الوضوء اخترنا له أن يتيمم ، فإن ترك ذلك كله فلا حرج عليه ، لأنه ترك اختياراً لم يجب عليه فعله ، فإذا ثبت هذا ، فالغسل مستحب في الحج في سبعة مواضع ، الغسل للإحرام ، والغسل لدخول مكة ، والغسل لوقوف عشية عرفة ، والغسل للوقوف بمزدلفة ، والغسل لرمي الجمار في أيام منى الثلاثة ، ولا يغتسل لرمي يوم النحر ؛ لأنه رمى أيام منى ، لا يفعل إلا بعد الزوال في وقت اشتداد الحر وانصباب العرق ، فكان في الغسل تنظيف له ، وجمرة يوم النحر ، تفعل بعد نصف الليل ، وقبل الزوال ، في وقت لا يتأذى بحره ، فلم يؤمر بالغسل له .
قال الشافعي : واستحب الغسل من هذا عند تغيير البدن بالعرق وغيره تنظيفاً للبدن ، وزاد الشافعي في القديم الغسل لزيارة البيت وحلق الشعر ولكواف الصدر ، فجعل الغسل مستحباً على القديم على عشرة مواضع .