پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص71

بذات عرق صار في حكم أهل العراق ولزمه الإحرام من ذات عرق ، وقوله ‘ ولم يأت من بلده ‘ ليس بشرط في المسألة ، كما وهم فيه المزني ، فجعله شرطاً ، بل حكمه إن أتى من بلده أو لم يأت منه إذا مر بميقات غيره سواء في أنه يصير ميقاتاً له ، لأننا نجري المواقيت مجرى القبل وإن كل من حصل في قبلة قوم ، استقبلها وصلى إليها ، كالمشرقي إذا حصل بالمغرب أو المغربي إذا حصل بالمشرق .

فصل

: فلو أن رجلاً مر بميقات بلده ولم يحرم منه ، وأحرم من ميقات غير بلده ، نظر ، فإن كان الميقات الذي أحرم منه مثل ميقات بلده أو أبعد منه ، كالعراقي إذا مر بذات عرق فلم يحرم بها ، حتى عرج على ذي الحليفة ، فأحرم منها أجزأه ، ولا دم عليه ، وإن كان الميقات الذي أحرم منه أقرب ، وميقات بلده أبعد منه ، كالمدني إذا مر بذي الحليفة ، فلم يحرم منها حتى عرج على ذات عرق ، فأحرم منها ، فعليه دم ، كمن أحرم بعد ميقاته إلى أن يعود إلى ميقات بلده محرماً ، فسقط عنه الدم .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ والمواقيت في الحج والعمرة والقران سواء ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، وقد ذكرناه ، ودللنا عليه بقوله : ‘ فمن أراد حجاً أو عمرةً ‘ ولأن رسول الله ( ص ) خرج في أصحابه عام حجه وكانوا زهاء مائة وعشرين ألفاً فأحرم جميعهم من ذي الحليفة ، وفيهم حاج ومعتمر .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ومن سلك برّاً أو بحراً توخى حتى يهل من حذو المواقيت أو من ورائها ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا سلك الرجل طريقاً لا ميقات له من بر أو بحر ، فعليه أن يتوخى في الميقات ، ويجتهد حتى يحرم بإزائه أو من ورائه ، كما يتوخى في جهة القبلة ، وكما يتوخى الناس في ذات عرق ، على ما روينا عن عمر رضي الله عنه ، فإن سلك من ميقاتين فلهما حالان :

أحدهما : أن يكون أحدهما أقرب إليه من الآخر ، فهذا يتوخى في الذي هو أقرب إليه دون الآخر ، سواء كان أبعد من الحرم أو أقرب ؛ لأن حكم الميقاتين سواء ، وقد اختص هذا بالقرب منه ، فكان أولى مما هو أبعد منه .

والثاني : أن يكون في القرب إليه على سواء ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكونا إلى الحرم أيضاً وعلى سواء ، فإذا كان كذلك فقد استوت حالهما في القرب إليه وإلى الحرم ، فليس أحدهما أولى من الآخر ، فيكون فيهما بالخيار ، ويتوخى في أيهما شاء حتى يحرم بإزائه أو من ورائه .