پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص59

والقول الثاني : يفرق بينهما بأربعة أيام ، إذا قيل : إن صيام منى لا يجوز وإن صيام السبعة بعد فراغه من الحج ، فتكون التفرقة بيوم النحر ، وأيام منى الثلاثة . والقول الثالث : يفرق بينهما بيوم ، وقدر مسافة الطريق إذا قيل إن صيام أيام منى يجوز وصيام السبعة بعد الرجوع إلى الوطن . والقول الرابع : يفرق بينهما بالأربعة أيام وقدر مسافة الطريق إذا قيل الذي لا يصوم أيام منى ، ولا يصوم السبعة إلا بعد رجوعه إلى بلده .

فصل

: إذا ثبت أن التفرقة بينهما بما ذكرنا واجبة ، فتابع بين صيامها ووصل السبعة بالثلاثة ، أجزأه من ذلك صيام الثلاثة ، فأما صيام السبعة فلا يجزئه ؛ لأن فيها ما استحق فطره عنها ، والحكم فيها أن يسقط منها قدر ما يستحق من التفرقة ، على الأقاويل الماضية ، فإن لم يبق من السبعة شيء لم يحسب له شيء منها ، ووجب عليه أن يستأنف صيام سبعة أيام بعد أن يكمل زمان التفرقة ، وإن بقي منها شيء أما ستة أيام إذا قيل : إن الواجب أن يفرق بينها بيوم أو ثلاثة أيام ، إذا قيل : إن الواجب أن يفرق بينها بأربعة أيام فطر في حاله ، فإن كان لم يفطر احتسب له ما بقي من السبعة بعد التفرقة ، ووجب عليه أن يتمم صيام ما بقي من السبعة ، وإن كان قد أفطر ، فهل يحتسب له بصيام ما بقي من السبعة أم لا ؟ على وجهين مبنيين على اختلاف الوجهين في وجوب المتابعة من صيامها :

أحدهما : يحتسب له ما بقي منها ، إذا قيل : إن المتابعة غير واجبة ، ويتم صيام السبعة ويجزئه .

والوجه الثاني : لا يحتسب له بما بقي إذا قيل إن المتابعة واجبة وعليه أن يستأنف صيام السبعة ، وهذا الكلام في السبعة ، فأما الثلاثة : فتجزئه على مذهب الشافعي وسائر أصحابه ، إلا أبا سعيد الاصطخري فإنه قال : إن نوى التتابع بعد صيام الثلاثة أجزأته الثلاثة ؛ لقول الشافعي ، ويكون الكلام في السبعة على ما مضى ، وإن نوى التتابع في صيام الثلاثة وعند دخوله فيها ، لم تجزه الثلاثة ولا السبعة ، ولزمه استئناف الجميع ، ويكون فساد نيته قادحاً في صومه ، وهذا الذي قاله غلط فاحش ؛ لأمرين :

أحدهما : أن تفريق الصوم ومتابعته إنما يكون بالفعل لا بالنية ، فلو فرق صيامه ولم ينو كان مفرقاً ، ولو تابع ولم ينو كان متابعاً ، وإذا لم تكن النية شرطاً في صحة التفرقة ، لم تكن نية المتابعة قادحة في صحة الصوم مع وجود التفرقة .

والثاني : أن طروء الفساد على صوم بعض الأيام ، لا يقتضي فساد الصوم في غيره من الأيام ، فصوم رمضان ، إذا أفطر في بعضه ، لأن لكل يوم حكم نفسه ، وإذا كان كذلك ، لم يكن فساد صوم السبعة قادحاً في صحة صوم الثلاثة .