پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص25

رسول الله ( ص ) ، وأزواجه وأصحابه قادرين إلى سنة عشر ثم حجوا ، فإن قيل فريضة الحج نزلت سنة عشر لأن قوله تعالى : ( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ منِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ( آل عمران : 97 ) نزلت سنة تسع ، وقيل سنة عشر فبادر رسول الله ( ص ) إلى الحج من غير تأخير قيل : الدلالة على أن فريضة الحج نزلت سنة ست أن رسول الله ( ص ) أحرم فيها بالعمرة ، وهي عام الحديبية فأحصر فأنزل الله تعالى : ( وَأَتِّمُوا الحَجَّ والْعُمْرَةَ للهِ فَإنْ أحصْرِتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ ) ( البقرة : 196 ) فإن قيل : فإنما أمرهم الله بإتمام الحج ، ولم يأمرهم أن يبتدوا حجاً قيل : فقد يراد بالإتمام البناء تارة والابتداء تارة على أنهم في عام الحديبية كانوا قد أحرموا بعمرة ، ولا يجوز أن يؤمر بإتمام العبادة من لم يدخل فيها فعلم أنه أراد إنشاءها ، وابتداءها .

وروي أن ضمام بن ثعلة ، وفد على النبي ( ص ) سنة خمس من الهجرة ، وسأله عن أشياء فكان مما سأله أن قال : الله أمرك أن تحج هذا البيت ؟ قال : نعم فدل ما ذكرناه على أن فريضة الحج نزلت قبل سنة عشر ، ولا ينكر نزول قوله تعالى : ( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ ) ( آل عمران : 97 ) سنة تسع ، أو عشر على وجه تأكيد الوجوب ، فإن قيل : فرض الحج إنما استقر سنة عشر بعد أن تقدم وجوبه سنة ست بدليل ما روي عن أنس أن رسول الله ( ص ) قال في حجة سنة عشرٍ : ألا إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض قيل : في مراده بهذا القول تأويلان :

أحدهما : أنه أراد حصول الحج في ذي الحجة ، لأنهم ربما كانوا قدموه إلى ذي القعدة ، وربما أخروه إلى المحرم .

والتأويل الثاني : أنه أراد تحريم القتال في الأشهر الحرم عاد تحريمه إلى ما كان عليه ، بعد أن كان مباحاً ، فإن قيل : إنما أخر رسول الله ( ص ) الحج إلى سنة عشر ، لاشتغاله بالحرب ، وخوفه على المسلمين من المشركين ، قيل : ما نقل إلينا من سيرة رسول الله ( ص ) تدفع هذا التأويل ، وذاك أن رسول الله ( ص ) أحصر عام الحديبية في سنة ست فأحل ثم صالح أهل مكة ، على أن يقضي العمرة سنة سبع ويقيم بمكة ثلاثاً فقضاها سنة تسع ، ولهذا سميت عمرة القضية ثم فتح مكة سنة ثمان ، فصارت دار الإسلام ، وأمر عتاب بن أسيد فحج فيها بالناس ، ثم بعث أبا بكر سنة تسع فحج بالناس وتخلف رسول الله ( ص ) ، غير مشغول بحربٍ ولا خايف من عدو ، ثم أنفذ علي بن أبي طالب بعد نفوذ أبي بكر ، يأمره بقراءة سورة