الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص497
أحدهما : اعتكافه جايز ، لما ذكرنا .
والثاني : باطل ، لأنه وإن تعين عليه الأداء ، فليس يتعين عليه الخروج ، لأن القاضي قد يجيء إليه ، ويسمع شهادته .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا وجب عليه اعتكاف أيام سابقة فمرض ، فله حالان :
أحدهما : أن يكون مرضه يسيراً يمكنه المقام معه في المسجد ، كالصداع ورجع الضرس ونفور العين ، فهذا ممنوع من الخروج من المسجد فإن خرج بطل اعتكافه ، ولزمه استئنافه لأنه خرج مختاراً لغير حاجة .
والحالة الثانية : أن يكون مرضه زائداً لا يقدر معه على المقام في المسجد ، فهذا يجوز له الخروج من المسجد إلى منزله ، فإذا برأ عاد إلى المسجد ، وبنى على اعتكافه لأنه خرج غير مختار فصار كالخارج لحاجة الإنسان ، ومن أصحابنا من خرج قولاً آخر أنه يستأنف من المريض إذا أفطر في صوم الظهار ، وليس بصحيح وفي معنى المريض من خرج خوف لص أو حريق ، فإذا زال خوفه عاد إلى اعتكافه ، وبنى عليه .
أحدها : أن يكون السلطان له ظالماً ، وهو في الخروج مظلوم فلا يبطل اعتكافه بخروجه ، فإذا أطلق عاد وبنى على اعتكافه لأنه مكره .
والحالة الثانية : أن يكون السلطان محقاً في إخراجه ، وهو الظالم لامتناعه من حق واجب عليه مع القدرة على أدائه ، فقد بطل اعتكافه ، لأنه خرج باختياره .
والحال الثالثة : أن يكون السلطان محقاً في إخراجه ، وهو غير ظالم ولا ممتنع من حق ، وإنما أخرج لإقامة حد وجب عليه من قطع أو جلد أو غيره ، فلا يبطل اعتكافه ، لذلك لأن الخروج منه بغير اختياره ، فإن قيل : فإذا فعل ما يوجب الحد ، فقد صار مختاراً للخروج ، فقد وجب أن يبطل اعتكافه ، إذا أخرج لإقامة الحد عليه ، قيل : لم يفعل ما وجب به الحد لإقامة الحد عليه ، وإنما فعله للاستمتاع به ، واستعادة الملك لسرقته ، فصار كالمعتدة تبني على اعتكافها ، وإن فعلت النكاح باختيارها لأنها لم تقصد بالنكاح وجوب العدة ، وإنما قصدت به اكتساب المهر والنفقة ، ومتى قلنا إن اعتكافه لا يبطل بخروجه فعليه المبادرة إليه بعد فراغه ، فإن وقف بعد فراغه شيئاً ، وإن قل بطل اعتكافه .