الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص496
فيه معتكف منع من صعودها ، فإن خرج إليها ، وصعدها بطل اعتكافه وإن كانت للمسجد ، فعلى وجهين :
أحدهما : يمنع من الخروج إليها فإن خرج إليها بطل اعتكافه ، لأنه لو خرج إلى موضع المنارة للصلاة على جنازة بطل اعتكافه ، فكذلك إذا خرج للأذان .
والوجه الثاني : وهو ظاهر قوله : أن له الخروج إليها ، ولا يبطل اعتكافه لأنها من حقوق المسجد ، وإن كانت خارجة كالرحاب ، والله أعلم .
قال الماوردي : اختلف أصحابنا : في تأويل هذه المسألة ، فقال بعضهم : أراد كراهة قوله في أذانه حي على الفلاح أيها الأمير ، فعلى هذا لا فرق في ذلك بين المعتكف ، وغيره لما في ذلك من الزيادة فإن فعل المعتكف ذلك فقد أساء ، وهو على اعتكافه وقال آخرون منهم : إنما أراد به إذا فرغ من أذانه أن لا يخرج إلى باب الوالي ، فيقول الصلاة أيها الأمير ، وهذا ذكره للمعتكف دون غيره ؛ لأن بلالاً قد كان يؤذن أذاناً عاماً ، ثم يقصد حجرة رسول الله ( ص ) ، فيخصه بإعلام الصلاة ، فدل على جوازه لغير المعتكف ، فأما المعتكف فإن فعل هذا بطل اعتكافه ، لأجل خروجه .
قال الماوردي : وهذه المسألة ونظائرها مصورة في اعتكاف وجب متتابعاً ، فإذا اعتكف الشاهد ، ثم دعي للإقامة الشهادة ، فله حالان :
أحدهما : أن لا يتعين عليه إقامتها لوجود غيره من الشهود فهذا ممنوع من الخروج ، فإن خرج بطل اعتكافه ولزمه استئنافه
والحالة الثانية : أن يتعين عليه إقامة الشهادة لعدم غيره من الشهود ، فهذا مأمورهم بالخروج ، لإقامتها لقوله تعالى : ( وَأقِيمُوا الشَّهَادَةِ للهِ ) ( الطلاق : 2 ) فإذا خرج لم يخل حاله من أحد أمرين ، إما أن يكون قد تحمل الشهادة مضطراً ، أو مختاراً ، فإن تحملها مختاراً بطل اعتكافه بخروجه ، لأن في اختياره للتحمل اختياراً للخروج وقت الأداء وإن تحملها مضطراً لعدم غيره لم يبطل اعتكافه بخروجه فإذا أعاد بنى عليه ، لأنه خرج لأمر تعين عليه في الطرفين ، بلا اختيار منه ، فصار كالخارج للغائط والبول ، وقال أصحابنا البصريون فيها وجهان :