الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص452
( البقرة : 184 ) فكان هذا عاماً في كل مطيق إلا ما قام دليله ، وروى مجاهد عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ ومن أفطر رمضان بمرضٍ ثم صح فلم يقضِ حتى أدركه رمضان آخر فليصم ما أدركه ثم ليقض الذي فاته وليطعم عن كل يومٍ مسكيناً ‘ ولأنها عبادة تجب الكفارة بإفسادها الكفارة ، فجاز أن تجب بتأخيرها الكفارة كالحج تجب الكفارة بإفساده وتجب بفوات عرفة هذا مع إجماع ستة من الصحابة لا يعرف لهم خلاف ، فأما قوله تعالى : ( فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرٍ ) ( البقرة : 185 ) فلا دليل فيه ، لأن الفدية لم تجب بالفطر ، وإنما وجبت بالتأخير ، وأما قياسهم على صوم النذر والتمتع ، فيفسد بصوم رمضان إذا أخره بأكل أو جماع على أن المعنى فيه ، أن الكفارة لا تجب بإفساد شيء من جنسه ، وكذا الجواب عن قياسهم على الصلاة ، فلو أخر القضاء أعواماً ، لم تلزمه إلا فدية واحدة ، في أصح الوجهين وفي الوجه الثاني ، عليه بكل عام فدية .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا وجب عليه صيام أيام من نذر أو كفارة أو قضاء فلم يصمها حتى مات ، فله حالان :
أحدهما : أن يموت بعد إمكان القضاء .
والثاني : أن يموت قبل إمكان القضاء ، فإن مات قبل إمكان القضاء سقط عنه الصوم ولا كفارة في ماله ، وإن مات بعد إمكان القضاء ، سقط عنه الصوم أيضاً ووجب في ماله الكفارة عن كل يوم مد من طعام ، ولا يجوز لوليه أن يصوم عنه بعد موته ، هذا مذهب الشافعي في القديم والجديد ، وبه قال مالك وأبو حنيفة وهو إجماع الصحابة .
وقال أحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور : يصوم عنه وليه إن شاء أو يستأجر من يصوم عنه ، وقد حكى بعض أصحابنا هذا القول عن الشافعي في القديم ، قال : لأنه قال وقد روي في ذلك خبر فإن صح قلت به ، فخرجه قولاً ثانياً ، وأنكره سائر أصحابنا أن يكون للشافعي مذهباً ، واستدل من أجاز الصوم عن الميت بما رواه عروة عن عائشة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من مات وعليه الصيام صام عنه وليه ‘ وقد رواه أيضاً ابن بريدة عن أبيه عن رسول الله ( ص )