الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص446
السفر ‘ فخارج عن سبب ، وهو أنه ( ص ) مر برجلٍ ، وقد اجتمع عليه الناس وهو ينقل من فيء إلى فيء فسأل عنه فقالوا : أجهده الصوم فقال : ليس من البر الصيام في السفر يعني لمن كان في مثل حاله ، وأما قوله ‘ الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ‘ فموقوف على عبد الرحمن بن عوف فإن صح فمعناه إذا اعتقد وجوب الصوم في السفر .
فصل
: فإذا ثبت أن الفطر رخصة فالصوم أولى له ، إذا قدر عليه وقال مالك : الفطر أولى لقوله ( ص ) : ‘ إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه وفي رواية إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه ‘ قال وكما أن قصر الصلاة في السفر أولى من إتمامها كذلك الفطر أولى من الصيام ، ودليلنا ما روي عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ من كان له حمولةٌ زاد فإذا شبع فليصم رمضان حيث أدركه ‘ وروي أن عائشة رضي الله عنها لما فرغت من حجة الوداع فقالت يا رسول الله صمت وما أفطرت وأتممت ، وما قصرت فقال لها : أحسنت فدل على أن الصوم أفضل ، ولأن الفطر رخصة ، والصوم عزيمة وفعل العزيمة أفضل من فعل الرخصة ، فأما قوله ( ص ) ‘ إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه ‘ فضعيف عند أهل النقل ، وإن صح فلا دليل فيه ، لأنه أحب الأخذ بالرخصة والعزيمة ، وإذا أحبهما معاً ، وكان إحداهما مسقطاً لما تعلق بالذمة ، فهو أولى ، وأما قصر الصلاة فلقد اختلف فيه أصحابنا فقال بعضهم الإتمام أولى كالصوم ، وقال بعضهم : القصر أولى ، وإنما كان القصر أولى من الإتمام ، وأفضل لأنه لا يلزم فيه القضاء ، ولا يتعلق به إيجاب ضمان في الذمة وليس كذلك الفطر ، لأنه إذا أفطر تعلق بذمته ضمان القضاء فلذلك ما اختلفا .
مسألة :
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وليس لأحدٍ أن يصوم في شهر رمضان ديناً ولا قضاء لغيره فإن فعل لم يجزه لرمضان ولا لغيره صام رسول الله ( ص ) في السفر وأفطر وقال لحمزة رضي الله عنه ‘ إن شئت فصم وإن شئت فافطر ‘ .
قال الماوردي : وقد ذكرنا أن زمان رمضان يمنع من إيقاع غيره فيه في الحضر والسفر ، فإن صام فيه نذراً أو قضاء أو كفارة أو تطوعاً لم يجزه عن رمضان لأنه لم ينوه ، ولا عن غيره لأن الزمان يمنع من إيقاعه وحكينا خلاف أبي حنيفة ، وأصحابه في الحضر والسفر ، ودللنا له وعليه بما فيه كافية وغنا .