پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص435

الوطء أغلظ الأحكام تغليظاً بإفساد الحج فكذلك في الصوم ، لما ساوى الوطء الأكل في إفساد الصوم اقتضى أن يختص الوطء بالكفارة تغليظاً دون الأكل ، ولأنها عبادة يتعلق بالوطء فيها كفارة ، فلم يستحق تلك الكفارة بمحظور غير الوطء كالحج ، فأما استدلالهم بأن رسول الله ( ص ) أمر المفطر بالكفارة ، وهذا مجمل راويه أبي هريرة ، وقد فسره فيما رويناه من قصة الأعرابي ، وأنها واردة في الجماع وتفسير الراوي أولى من إجماله ، وأما استدلالهم بقوله : ‘ من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر ‘ فلا دليل فيه لأن على المظاهر الاستغفار وإنما تلزمه الكفارة بالعود ، لا بالظهار ، فكان دليل هذا الخبر يوجب على الأكل الاستغفار ، وسقوط الكفارة ، وأما قياس مالك ففاسد بمن استقاء عامداً .

وأما قياس أبي حنيفة ففاسد بالقيء أيضاً إذا ملأ الفم ، لأنه فرق بين قليله وكثيره ، على أن قوله على ما يقع به هتك الحرمة ، لا تأثير له في الفطر لأنه لو أفطر بالسهو ما لزمته الكفارة ، وإن لم تكن أعلى المأكول .

فصل

: فإذا ثبت سقوط الكفارة عن الأكل عامداً ، فعليه القضاء والعقوبة فيعزر على حسب حاله ، ولا تبلغ به أدنى الحدود .

وحكي عن ابن أبي هريرة : أن عليه أن يطعم فوق كفارة الحامل ، ودون كفارة الواطئ وهذا مذهب لا يرجع فيه إلى خبر ، ولا أثر ، ولا قياس .

وحكي عن ربيعة أن عليه قضاء اثني عشر يوماً مكان يوم ، وعن سعيد بن المسيب : أن عليه قضاء شهر مكان يوم ، وعن النخعي : أن عليه قضاء ثلاثة آلاف يوم مكان يوم ، وعن علي وابن مسعود أنه لا يقضيه بصيام الدهر ، والذي عليه عندنا أن يقضي يوماً مكان يوم لقوله ( ص ) : وصم يوماً مكانه .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن تلذذ بامرأته حتى ينزل فقد أفطر ولا كفارة ‘ .

قال الماوردي : أما إن وطئ دون الفرج أو قبل أو باشر فلم ينزل فهو على صومه لا قضاء عليه ، ولا كفارة وإن أنزل فقد أفطر ، ولزمه القضاء إجماعاً ، ولا كفارة عليه عندنا ، وعند أبي حنيفة .

وقال مالك وأبو ثور عليه الكفارة لأنه إنزال عن مباشرة ، فوجب أن تتعلق به الكفارة كالوطء في الفرج .

ودليلنا أنه إفطار بغير جماع فوجب أن لا تلزمه الكفارة أصله إذا تقيأ عامداً ، والمعنى في الجماع في الفرج الإيلاج لا الإنزال ، لأن الكفارة لا تلزمه بالإيلاج أنزل أو لم ينزل .