پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص433

بدئ فيها بالإطعام ثم وجدنا كفارة الجماع بدئ فيها بالأغلظ ، وهو العتق فوجب أن يكون الترتيب فيها مستحقاً ، فأما ما رواه مالك فقد رويناه على الترتيب ، والقصة واحدة ، وروايتنا أولى لكثرة الرواة ، ونقل لفظ النبي ( ص ) ، وتفسير ألفاظه التي لا يدخلها احتمال .

فصل

: فإذا تقرر أنها على الترتيب ، فيبدأ أولاً بعتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المضرة بالعمل إضراراً بيناً ، وأجاز أبو حنيفة عتق رقبة كافرة ، والكلام يأتي معه ، في كتاب الظهار إن شاء الله ، فإن عدم الرقبة ، ولم يقدر عليها صام شهرين متتابعين سوى يوم القضاء ، وقال الأوزاعي : إن كفر بالصيام سقط عنه القضاء ، والدلالة عليه ، رواية أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال للأعرابي : ‘ صم يوماً مكان ما أصبت واستغفر الله ‘ وقال ابن أبي ليلى : إن صامه منفرداً أجزأه ، والدلالة عليه قوله ( ص ) ‘ صم شهرين متتابعين سوى يوم القضاء ‘ فإذا أفطر فيها يوماً لزمه الاستئناف على ما سيأتي بيانه إن شاء الله فإن عجز عن الصيام ، أطعم ستين مسكيناً لكل مسكين مداً بمد النبي ( ص ) ، وهو رطل وثلث من الأقوات المزكاة على ما مضى في كتاب ‘ الزكاة ‘ .

وقال أبو حنيفة : إن أخرج شعيراً أو تمراً فعليه لكل مسكين صاع ، وإن أخرج براً فنصف صاع ، والدلالة عليه قوله ( ص ) ‘ أطعم ستين مسكيناً فقال لا أجد فدعا بفرق فيه خمسة عشر صاعاً تمراً وقال أطعمه ستين مسكيناً ) والصاع أربعة أمداد ، فدل على أن الواجب لكل مسلكين مد ، فإن عدم الإطعام ، ولم يجد إلى التكفير سبيلاً ففيه قولان :

أحدهما : قد سقطت عنه الكفارة ، وبرئت ذمته منها فإن قدر عليها فيما بعد يلزمه إخراجها ، لأن رسول الله ( ص ) أذن للأعرابي في أكل التمر حين أخبره بحاجته ، ولم يأمره بإخراجها إذا قدر عليها مع جهله بالحكم فيها ، وقياساً على زكاة الفطر إذا عدمها وقت الوجوب ، ثم وجدها فيما بعد لتعلقها بطهرة الصوم .

والقول الثاني : وهو الصحيح أن الكفارة لازمة له ، وإخراجها واجب عليه ، إذا أمكنه لأن الأعرابي لما أخبر رسول الله ( ص ) بعجزه عن أجناس الكفارة ، لم يبين له سقوطها عنه بل أمر له بما يكفر به من التمر ، فدل على ثبوتها في ذمته ، وإن عجز عنها وقياساً على جزاء الصيد يلزمه ، وإن أعسر به .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن دخل في الصوم ثم وجد رقبةً فله أن يتم صومه ‘ .

قال الماوردي : إما أن وجد الرقبة بعد كمال الصوم ، فليس عليه عتقها والصوم يجزيه