پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص431

كالحج ، قالوا : ولأن السهو في الأكل والجماع يقع تارة في ابتداء الصوم ، وتارة في انتهائه ، ثم لو أكل أو جامع في الليل ، ثم بان له طلوع الفجر عند أكله وجماعه أفطر ، ولزمه القضاء فكذلك في أثناء صومه قالوا : ولأن عمد الحدث وسهوه سواء في نقض الطهارة لتنافيهما ، فكذلك الأكل والجماع في الصوم يجب أن يستوي الحكم في عمده وسهوه لتنافيهما ، والدلالة على صحة صومه قول رسول الله ( ص ) ‘ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ‘ وروى أبو هريرة أن رجلاً أتى رسول الله ( ص ) فقال يا رسول الله إني أكلت وشربت وأنا صائم فقال : ‘ الله أطعمك وسقاك ‘ وفيه دليلان :

أحدهما : أنه سلبه فعله وأضافه إلى الله سبحانه .

والثاني : أنه لم يأمره بالقضاء مع جهل السائل بحكم فعله فدل على أنه على صومه وروى محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال ‘ من أكل أو شرب ناسياً وهو صائم فليتم صومه فإنما الله أطعمه وسقاه ‘ فلما أمره بإتمام صومه دل على أنه لم يفطر ، ولأنها عبادة يفسدها الأكل عامداً فوجب أن لا يفسدها الأكل ناسياً كالصلاة ، إذا أكل فيها لقمة ناسياً ، ولأنه معنى وقع في أثناء الصوم يختص عمده بإفساد الصوم ، فوجب أن لا يفسد بسهوه أصله إذا ذرعه القيء ، ولا يدخل عليه تارك النية ، لأنها لا تقع في أثناء الصوم ، ولا تدخل عليه الردة لأنها لا تختص بالصوم ، ولا تفسده وإنما يبطل بها الإيمان فأما قياسهم على العامد ، فالمعنى فيه إمكان الاحتراز منه أما قياسهم على الحج قلنا ؛ فيه قولان :

أحدهما : أنه لم يفسد فسقط ما أوردوه .

والثاني : أنه قد فسد ، والفرق بينهما أن النواهي في الحج ضربان :

ضرب استوى الحكم في عمده وسهوه كالحلق ، وقتل الصيد .

وضرب فرق بين عمده وسهوه كاللباس والطيب فالحق الجماع بالضرب الأول ، لأنه إتلاف وليس كذلك الصوم ، لأنا وجدنا النواهي فيه نوعاً واحداً ، وقع الفرق بين العمد ، والخطأ وهو القيء ، فوجب أن يكون الجماع والأكل لاحقان ، وأما جمعهم بين الناسي والمخطئ في طلوع الفجر ، فذلك غير صحيح لأن ذلك مخطئ في الوقت وهذا مخطئ في الفعل ، وقد وقع الفرق بين الخطأ في الأوقات والخطأ في الأفعال ، ألا تراه لو أخطأ في وقت الصلاة ، وصلى لزمه القضاء ، ولو أخطأ في عدد الركعات بنى على صلاته ، وأما ما ذكروه من الحدث ، فالفرق بينهما من وجهين :