الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص425
أحدهما : وهو منصوص الشافعي ، أنها وجبت عليها ، ثم تحمل الزوج عنها .
والثاني : أنها وجبت ابتداء على الزوج وذكره الشافعي في بعض أماليه أن عليهما كفارتين ، فخرجه أصحابنا قولاً ثانياً : وليس بصحيح وبه قال أبو حنيفة ومالك ، واستدلوا على ذلك بأنهما لما اشتركا في سائر موجبات الوطء من الماتم والقضاء ، ووجوب الغسل والعقوبة وجب أن يشتركا في الكفارة أيضاً ، فيلزم كل واحد منهما كفارة ، ولأنهما اشتركا في سبب تجب به الكفارة فوجب أن يلزم كل واحد منهما كفارة ، كالقتل ولأن النكاح عقد من العقود ، فوجب أن لا تتحمل به الكفارة أصله عقد البيع ، والإجارة قالوا : ولأنه لا يخلو إيجابكم الكفارة الواحدة من أحد أمرين : إما أن تجب على الزوج وحده أو تجب عليهما معاً ، فيبطل أن تجب على الزوج وحده لاشتراكهما في موجب الكفارة وهو الوطء ، ويبطل أن تجب عليهما معاً ، لأنه يقتضي أن يلزم كل واحد منهما نصف كفارة وهذا خلاف الأصول ، والدلالة على صحة ما قلناه في وجوب كفارة واحدة عليهما ، ما رويناه في حديث الأعرابي ، وقوله ( ص ) ‘ أعتق رقبةً ‘ والدليل في هذا الخبر من وجهين :
أحدهما : أن الأعرابي إنما سأله عن فعل شارك فيه زوجته مع جهلهما بحكمه ، فاقتضى أن يكون جوابه حكماً لجميع الحادثة .
والثاني : أنه لما كان تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، ولم ينقل عنه أنه أمر المرأة بالكفارة ، ولا راسلها بإخراجها مع جهلها بالحكم ، فيما دل على أن الكفارة لا تلزمها فإن قيل : إنما لم يأمرها بالكفارة ، لأنها مكرهة لقول الأعرابي هلكت وأهلكت ، قيل : المنقول في الخبر غير هذا على أنه لو صح لكان هو الحجة في عدم الإكراه ، لأن المكرهة لا تهلك بفعل ما أكرهت عليه ، ولا يلحقها فيه إثم فلما ذكر أنه أهلكها علم أنه سألها فطاوعته ، فهلكت بمطاوعته ، ولأنه حق في مال يتعلق بالوطء ، فوجب أن يختص الزوج بتحمله كالمهر فأما ما احتجوا به من اشتراكهما في الإثم والقضاء فجمع بلا معنى على أن الكفارة يعتبر بها الفعل ، وإنما يعتبر بها الفاعل ، وقد يجوز أن يشتركا في الفعل ، ويختلف أحكامهما باختلاف أحوالهما كالزنا ، وأما قياسهم على كفارة القتل ، فالمعنى فيه أنه ليس من موجبات الوطئ ، وأما قياسهم على عقد البيع فالمعنى فيه أنه لا يوجب النفقة والكسوة وزكاة الفطر .
وقولهم : لا يخلو حال الكفارات ، إما أن تجب على الزوج ، أو عليهما قلنا : فيه قولان :