الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص415
من الأنصار أتى منزله ، ولم يهيأ إفطاره فغلبته عيناه ثم أتي بالطعام ، وقد نام فلم يأكل وأصبح طاوياً ، خرج إلى ضيعته فعمل فيها فغشي عليه ، وخاف التلف فنزل قوله تعالى : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الخَيْطُ الأَبْيَضُ منَ الخَيطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ) ( البقرة : 187 ) فلما أباح الله تعالى الأكل ، والجماع إلى طلوع الفجر ، ولم يستثن زمان الغسل علم أنه لا يفسد الصوم ، وروت عائشة وأم سلمة أن رسول الله ( ص ) كان يصبح جنباً من جماع لا من احتلام ويصوم وروت عائشة رضي الله عنها أن رجلاً جاء إلى رسول الله ( ص ) وهو واقفٌ على الباب فقال له إني أصبح جنباً وأنا أريد الصوم فقال وأنا أصبح جنباً وأريد الصوم ، ثم قال : إنك لست مثلنا إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فغضب النبي ( ص ) وقال إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله عز وجل وأعلمكم بما أتقي وأيضاً فإن الغسل عن الوطئ كالشبع والري عن الطعام ، والشراب ثم كان هذا غير مفسد للصوم كذلك غسل الجنابة لأنه ثمرة فعل مباح .
فأما حديث أبي هريرة فغير ثابت وإن صح فقد رجع عنه أبو هريرة وروى أبو بكر بن عبد الرحمن قال دخلت مع أبي على مروان فتذاكرنا الجنابة ، في الصوم ، فقال مروان حدثني أبو هريرة أن رسول الله ( ص ) قال من أصبح جنباً من جماعٍ فلا صوم له ثم أقسم مروان علينا أن نسأل عائلة وأم سلمة عن ذلك فقالتا كان رسول الله ( ص ) يصبح جنباً من جماعٍ لا من احتلام ويتم صومه فأقسم علينا مروان أن نلقي أبا هريرة فلقيناه ، فأخبرناه بما جرى فقال أخبرني بذلك مخبر وروى أنه قال أخبرني بذلك الفضل ، وهو أعلم به ، وكان الفضل ميتاً ، وما كان بهذه المثابة لم يصح التعلق به وروى سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رجع عنه قبل موته والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح أما إن اشتبه عليه دخول الليل ، فظن أن الشمس قد غربت ، وأن الليل قد دخل فأفطر فله ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يتبين له أنه كان نهاراً ، وأن الشمس لم تكن غربت فعليه الإعادة ، وهو قول عامة الفقهاء .