پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص385

وإن لم يثبت أن أبا سعيد كان يخرج الأقط بأمر رسول الله ( ص ) أو بعلمه بدلاً صح الحديث الآخر في إسناده ، فهل يجوز لأهل البادية ، إخراج الأقط أم لا على قولين :

أحدهما : وهو قوله في القديم ، يجوز لهم إخراجه لأنه قوت مدخر يستند إلى أثر فجاز إخراجه كالتمر .

والقول الثاني : وهو قوله في الجديد لا يجوز لهم إخراجه ، وإن كان قوتاً لهم مدخراً فهو مما لا زكاة فيه ، فلم يجز لهم إخراجه كما لا يجوز لهم إخراج القثاء وحب الحنظل وإن كان قوتاً لهم مدخراً ، لأنه مما لا زكاة فيه فعلى هذا عليهم إخراجها من غالب قوت البلاد .

فصل

: فإن كان أهل البادية يقتاتون اللبن ، فإن قلنا : إنهم لو اقتاتوا الأقط لم يجز لهم إخراجه لم يجز لهم إخراج اللبن أيضاً ، وإن قلنا يجوز ففي جواز إخراج اللبن إذا كان قوتاً لهم وجهان :

أحدهما : يجوز كالأقط ، وهو مذهب الحسن البصري ، وقد حكاه ابن أبي هريرة عن الشافعي في القديم .

والوجه الثاني : لا يجوز وهو الأصح .

والفرق بينه وبين الأقط ثبوت الأثر في الأقط وعدمه في اللبن ، ولأن الأقط في حال ادخاره فجاز كالتمر واللبن بخلافه فلم يجز كالرطب ، فأما المصل والكشك فلا يجوز لهم إخراجه لأنه مما لا يمكن اقتياته مفرداً ، فأما أهل جزائر البحر الذين يقتاتون السموك ، وأهل الفلوات النائية الذين يقتاتون البيض ، ولحوم الصيد ، فلا يجوز لهم إخراجه في زكاة فطرهم لا يختلف فيه المذهب ، لأن حالهم نادرة ، وقوتهم غير راجع إلى أثر فأما أهل الحضر فلا يجوز لهم إخراج الأقط ، وإن كان لهم قوتاً لأن ذلك نادر فإن قيل فقد قال أبو سعيد كنا نخرج الأقط وهو من أهل الحضر قلنا : قد كان أبو سعيد يسكن البادية كثيراً ألا ترى إلى قول رسول الله ( ص ) ‘ إذا كنت في باديتك فارقع صوتك بالأذان ‘ على أنه قال كنا نخرج كناية عنه وعن غيره ممن كان على عهد رسول الله ( ص ) ، وقد كان كثير منهم أهل بادية .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا يجوز أن يخرج الرجل نصف صاعٍ حنطةٍ ونصف صاعٍ شعير إلا من صنفٍ واحدٍ ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح .

لا يجوز أن يخرج الرجل صاعاً واحداً عن نفس واحدة من أنواع مختلفة فيخرج بعضه براً ، وبعضه شعيراً ، وبعضه تمراً وبعضه زبيباً لأن النبي ( ص ) قال : ‘ صاعاً من بر أو صاعاً من