الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص374
تعول ) ثم يبدأ بعد نفسه بزوجته ، لأن نفقة زوجته مقدمة على نفقة أقاربه ، فكذا فطرة نفسه مقدمة على فطرة أقاربه ، ثم يبدأ بعد زوجته بأولاده الصغار الفقراء وهم مقدمون على الأب ، لأن وجوب النفقة عليهم بنص ووجوب النفقة على الأب باستدلال ، ثم يبدأ بعد أولاده الصغار بأبيه وهو مقدم على أمه ، لأن نفقته في صغره قد تجب على أبيه دون أمه ، فكانت نفقة أبيه أوكد من نفقة أمه ، ثم يبدأ بعد أبيه بأمه وهي مقدمة على كبار ولده ، لقوة حرمتها بالولادة ثم أولاده الكبار الفقراء .
والضرب الثاني : أن يكون ما وجده بعد قوته أقل من صاع ، فمذهب الشافعي ، وما ذكره منصوصاً في بعض كتبه أن عليه إخراجه لما ذكرنا من أن العجز عن بعض الواجبات لا يسقط ما بقي منها ، وفيه وجه آخر لبعض أصحابنا أنه لا يلزمه إخراجه كالكفارة التي لا يلزم إخراج بعضها ، إذا لم يقدر على جميعها وهذا غلط ، والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن الكفارة ترجع فيها إلى بدل فلم يلزمه إخراج بعضها ، والفطرة لا يرجع فيها إلى بدل فلزمه إخراج بعضها .
والثاني : أن إخراج بعض الصاع قد يجب في العبد بين شريكين ، فوجب إخراجه لجواز تبعيضه والكفارة لا يجوز تبعيضها فلم يجز إخراج بعضها .
قال الماوردي : اعلم أن الشافعي أراد بهذه المسألة الزوجة دون الأقارب لأن الزوجة تلزم نفقتها وزكاة فطرها مع وجود ذلك في ملكها ، والأقارب لا يلزمه نفقتهم ، وزكاة فطرهم مع وجود ذلك في ملكهم ، فإذا كان الزوج معسراً بزكاة فطرها سقطت عنه كما سقطت عنه فطرة نفسه ، ثم منصوص الشافعي أنه لا شيء عليها وإن كانت موسرة بها ، لأنها مفروضة على غيرها لكن يستحب ذلك لها لخلاف الناس فيها ، وفيها وجه آخر ، أن عليها إخراج الفطرة عن نفسها إذا قيل : إنها وجبت عليها ثم يحمل الزوج عنها ويخرج من نص الشافعي في سيد الأمة إذا زوجها لمعسر على ما نذكره في آخر هذا الباب .