الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص329
قال الماوردي : أما بيع الثمرة قبل بدو صلاحها مفردة فلا يجوز إلا بشرط القطع ، ولو باعها بشرط القطع صح البيع ، ووجب على المشتري قطعها ، فإن تمادى المشتري في قطعها ودافع بها حتى بدا صلاحها ، فقد وجبت فيها الزكاة ثم للبايع ، والمشتري أربعة أحوال :
أحدها : أن يجيب البايع إلى ترك الثمرة على نخله إلى حين صرامها ، ورضى المشتري بأداء زكاتها فالبيع صحيح لا يفسخ ، ويترك الثمرة على النخل إلى وقت الصرام ، ولا تقطع وتؤخذ الزكاة من المشتري عند جفاف الثمرة ، وجدادها .
والحالة الثانية : أن يمتنع البايع من ترك الثمرة على نخله ، ويأبى المشتري من دفع الزكاة من ثمرته فالواجب أن يفسخ البايع ، لأن في إجبار البايع على ترك الثمرة إضراراً به وفي إجبار المشتري على قطعها إضرار بالمساكين ، فكانت الضرورة داعية إلى فسخ البيع ، فإذا فسخ لم يجب على المشتري الزكاة لأمرين :
أحدهما : أنه دخل في ابتياعها على أن لا زكاة عليه .
والثاني أن فسخ البيع غير منسوب إليه ، فأما البايع ففي إيجاب زكاتها عليه قولان :
أحدهما : لا زكاة عليه لأن بدو صلاحها كان في ملك غيره .
والثاني : وهو الصحيح هاهنا أن زكاتها واجبة عليه ، لأن امتناعه من الترك سبب لفسخ البيع فلم يجز أن يكون سبباً ، لإسقاط الزكاة .
والحالة الثالثة : أن يرضى المشتري بدفع زكاتها ويمتنع البائع من تركها ، فيفسخ البيع أيضاً وترد الثمرة على البائع ، وتؤخذ منه الزكاة وجهاً واحداً ، لأن رضى المشتري بالترك يوجب عليه الزكاة فكان امتناع البايع من ذلك يقتضي ، أن ينتقل إليه وجوب الزكاة ، لأن لا تسقط بعد وجوبها .