پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص283

قالوا : ولأن ما فيه الزكاة من الأموال لا تأثير إليه في سقوط زكاتها بحال ، كالمواشي والثمار فلما سقطت زكاة التجارة إذا نوي بها القنية ، علم أن زكاتها غير واجبة .

قالوا : ولأن ما لا زكاة فيه قبل إرصاد النماء ، فلا زكاة فيه ، وإن عرض للنماء كالعقار إذا اؤجر والمعلوفة إذا استعملت فلما كانت عروض التجارة لا زكاة فيها ، قبل إرصادها للتجارة فلا زكاة فيها ، وإن أرصدت للتجارة فهذا احتجاج من أسقط زكاة التجارة .

وأما حجة من أوجب زكاتها مرة ، فهو أن قال : المقصود بالتجارة حصول النماء بالربح ، والربح إنما يحصل إذا نض الثمن ، فوجب أن تتعلق به زكاة عام واحد ، كالثمار .

قالوا : ولأن في إيجاب زكاتها قبل أن ينض ثمنها رفقاً بالمساكين وإجحافاً برب المال ، لأنهم تعجلوا من زكاتها ما لم يتعجل المالك من ربحها وأصول الزكوات موضوعة على التسوية بين المساكين وبين رب المال في الارتفاق ، وقد كان يجب تقديم هذه الدلالة على تلك ، لأن هذه تدل على تأخير الزكاة ، إلا أن ينض الثمن وتلك تدل على أنه إذا نض ثمنه لم يلزمه إلا زكاة عام واحد ، لكن سنح الخاطر بالأولى ثم أجاب بالثانية فجرى القلم بهما كذلك .

والدلالة على وجوب زكاة التجارة قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ) ( التوبة : 103 ) ( في أمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ) ( المعارج : 24 ) وأموال التجارة أعم الأموال فكانت أولى بالإيجاب ، وقال النبي ( ص ) : ‘ ليس في المال حق سوى الزكاة ‘ فلما كان مانعاً من الحق في جميع الأموال دل على أن ما أثبت في الزكاة عاماً في جميع الأموال ، لأن الزكاة المثبتة مستثناة من الحق المنفي .

وروي أن النبي ( ص ) : ‘ بعث عمر بن الخطاب مصدقاً فرجع شاكياً من خالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب وابن جميل فقال النبي ( ص ) أما خالد فقد ظلمتموه لأنه حبس أدرعه وأعتده في سبيل الله ‘ والأعتد : الخيل ، ومعلوم أن الأدرع والخيل لا تجب فيها زكاة العين فثبت أن الذي وجب فيها زكاة التجارة .

وروى مالك بن أوس بن الحدثان قال : كنت عند عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فدخل عليه أبو ذر فقال له : كيف خبرك يا أبا ذكر ؟ فقال بخير ثم قام إلى سارية من سواري المسجد فبادر الناس إليه واحتوشوه وكنت فيمن احتوشه فقالوا له : حدثنا عن رسول الله ( ص ) فقال سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البز صدقته ‘ قاله بالزاي معجمة ومعلوم أن البز لا تجب فيه زكاة العين فثبت أن الواجب فيه زكاة التجارة .