پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص259

بعضها دون بعض ، وقال مالك إذا نقصت هذا القدر ففيها الزكاة ، لأنها في معاملات الناس تجوز جواز المائتين ، وهذا غلط ، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من قوله ( ص ) ‘ ولا فيما دون مائتي درهم من الورق صدقةٌ ‘ وقد روى علي بن أبي طالب عليه السلام عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ هاتوا إلي ربع العشر من كل أربعين درهماً ‘ ، وليس عليكم شيءٌ حتى تتم مائتي درهم ‘ ، ولأن نقصان المزكى عنه يوجب سقوط الزكاة فيه كسائر النصب ، وما قاله من جوازها بالمائتين فيفسد من وجوه منها ، أن أخذها بالمائتين على وجه المسامحة لو قام مقام المائتين لوجب مثله في جميع النصب وفيما يخرجه من حق المساكين ، ولقيل إذا أخرج خمسة إلا حبة أجزاه ، لأنها تقوم مقام الخمسة ، ولقيل في الربا إذا باع درهماً بدرهم إلا حبة جاز ، لأنه يقوم مقام الدرهم ، وفي إجماعنا وإياه على فساد هذا كله دليل على فساد قوله .

والفصل الثاني : أن يكون ورقه ينقص عن المائتين وهي لجودتها تؤخذ بالمائتين كأنها تنقص عشرة وقيمتها لجودة جوهرها تزيد عشرة ، فلا زكاة فيها لنقصان وزنها عن المائتين ، وقال مالك فيها الزكاة ، لأنها تقوم مقام المائتين ، وما ذكرنا في الفصل الأول كاف في الدلالة عليه والإفساد لقوله .

مسالة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو كانت له ورقٌ رديئةٌ وورقٍ جيدةٌ أخذ من كل واحدةٍ منهما بقدرها ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا كانت ورقه مختلفة الجنس فكان بعضها جيداً وبعضها رديئاً وكلاهما فضة ضم الجيد إلى الرديء كما يضم جيد التمر إلى رديئه وأخذت الزكاة من كل واحد منهما بحسابه لتميزه فإن أخرج زكاة الكل من جيده كان أولى ، وإن أخرج زكاة الكل من رديئه أجزأه من ذلك ما قابل الرديء وكان فيما قابل الجيد وجهان :

أحدهما : يكون متطوعاً به وعليه إخراج زكاة الجيد ، متسأنفاً .

والوجه الثاني : يجزئه ويخرج قيمة ما بينهما ذهباً كما لو أخرج أردأ الصنفين من الحقاق وبنات اللبون . أخرج نقص ما بينهما ورقاً والله أعلم .

مسالة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وأكره الورق المغشوش لئلا يغر به أحداً ‘ .

قال الماوردي : أما ضرب الورق المغشوش فيكره للسلطان وغيره لقوله ( ص ) ‘ من غشنا فليس منا ‘ ولما فيه من إفساد النقود وغبن ذوي الحقوق وغلاء الأسعار ، وانقطاع الجلب