الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص251
العدالة والجرح ، وفي الماء إذا اختلط بمائع ، ولأن في اعتبارهما مشقة فروعي حكم أغلبهما تخفيفاً .
والقول الثاني : وهو الصحيح يعتبران معاً ويؤخذ من الزرع بحسابهما ؛ لأن النبي ( ص ) أوجب العشر فيما سقته السماء ونصف العشر فيما سقته النواضح ، فوجب أن يعلق كل واحد من الحكمين على ما علقه عليه النبي ( ص ) ، وفي اعتبار حكم الأغلب تغليب لحكم الأقل عليه ، وذلك غير جائز ، ولأنه لما اعتبر في الزرعين وإن كان أحدهما أغلب وجب أن يعتبرا في الزرع الواحد وإن كان أحدهما أغلب ، فعلى هذا القول إن كان ثلث سقيه بالسيح وثلثا سقيه بالنضح ففيه ثلثا العشر ، وإن كان ثلث سقيه بالنضح وثلثا سقيه بالسيح ففيه خمسة أسداس العشر ، ثم على هذه العبرة فيما قل وكثر واعتبار ذلك بأعداد السقيات التي يحيي الزرع بها ، فإذا سقي بالسيح خمس سقيات وبالنضح عشر سقيات كان ثلثه بالسيح وثلثاه بالنضح .
أحدهما : أن يعلم أن أحدهما أكثر ويشك في أيهما هو الأكثر وإن قيل بمراعاة الأغلب واعتبار الأكثر ففيه نصف العشر ، لأنه اليقين ، وإن قيل بمراعاتهما واعتبار حسابهما ، قلنا على يقين من قدر واجبة ، غير أننا نعلم أنه ينقص عن العشر ويزيد عن نصف العشر ، فيأخذ قدر اليقين ويتوقف على الباقي حتى يستبين .
والضرب الثاني : أن يشك هل هما سواء أو أحدهما أكثر ، فإن قيل باعتبار الأكثر ففيه نصف العشر ، لأنه اليقين وإن قيل : باعتبارهما فعلى وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج . فيه ثلاثة أرباع العشر ، لأنه أعدل الحالين وأثبت لحكم السقيين .
والوجه الثاني : تؤخذ زيادة على نصف العشر بشيء ، وإن قل وهو قدر اليقين ويتوقف عن الباقي حتى يستبين اعتباراً ببراءة الذمة ، وإسقاطاً لحكم الشك ، فأما زرع النواضح إذا سقته السماء مرة أو مرتين غير مقصودة فلا اعتبار به ، فلو اختلف رب المال والوالي وادعى الوالي ما يوجب كمال العشر ، وادعى رب المال ما يوجب الاقتصار على نصف العشر فالقول قول رب المال مع يمينه ، وهذه اليمين استظهار ، لأنها لا تطابق ظاهر الدعوى والله أعلم .