الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص230
قال الماوردي : وهذا كما قال .
إذا أصاب حائطة عطش بعد بدو صلاحه ، ووجوب زكاته ، وكان في ترك الثمرة على النخل إضرار بها وبالنخل ، أو بهما ، فله قطع ما أضر بنخله من الثمرة بعد مطالعة العامل واستئذانه أنه قدر عليه لتزول عنه التهمة ، فإن استضر بجميع الثمرة قطعها ، وإن استضر ببعضها ، قطع ما استضر به منها ، وإنما كان له ذلك لأن في قطعها نظراً لرب المال في حفاظ ماله ، ونظراً للمساكين ، لأن لا يضر بالنخل لم تحل حاله من أحد أمرين .
إما أن يقطعها بإذن العامل أو بغير إذنه ، فإن قطعها بإذنه وأراد العامل أخذ العشر منها خرصاً فعلى قولين مبنيين على اختلاف قوله في القسمة .
أحدها : تجوز إذا قيل إن القسمة إقرار حق وتمييز نصيب فعلى هذا يخرص ثم يأخذ العامل عشرها من ثمرات نخلات بعينها ، ويفعل ما هو أخطى للمساكين ، من تفريقه عليهم أو صرف ثمنه فيهم .
والقول الثاني : لا يجوز إذا قيل إن القسمة بيع فعلى هذا ينبغي للعامل أن يقبض حق المساكين مشاعاً في جميع الثمرة ليتعين حقهم فيها ، لأنه قبل القبض غير معين سواء قلنا إن الزكاة في الذمة أو في العين ، لأنا إن قلنا إن الزكاة في الذمة فالحق لم يتعين فيها ، وإن قلنا إنها في العين فلرب المال إسقاط حقهم بالدفع منها أو من غيرها ، فإذا قبض العامل حقهم مشاعاً فيها ، فقد تعين ولم يجز لرب المال نقل حقهم إلى غيرها بحال فإذا ثبت أن العامل يقبض حقهم مشاعاً في جميع الثمرة على هذا القول الثاني فقبضه بعين حق المساكين فيها ، فإذا قطعت الثمرة كلها نظر العامل في حق المساكين منها ، فإن كان الحظ لهم في بيعه مع جملة الثمرة وصرف ثمنه فيهم ، وكل رب المال في بيعه إن كان ثقة أو وكل أميناً ثقة ، ويقدم إليه بصرف ثمنه فيهم بعد يبسه وإن كان لهم الأخص في إيصاله رطباً أو بسراً إليهم قاسمه العامل عليهم كيلاً أو وزناً ، وفرق فيهم ما حصل من حقهم بالقسمة بعد الاستظهار فيما أخذ ، ليكون على يقين من أخذ الحق أو فوقه ، فإن قيل فعلى هذا القول لا يجوز قسمة الرطب كيلاً ولا وزناً فلم جوزتموه ؟ قيل إنما لم يجز لأجل الربا ، وحصول الربا ، والتفاضل غير معتبر بين رب المال والمساكين ، لأنه لو أعطاهم مكان وسق وسقين جاز ، فإن قيل فإذا كان الربا غير معتبر بينهما فلم منعتم من قسمتها خرصاً وهلا أجزتموه كما أجزتموه كيلاً ؟ قيل : ما يمكن كيله لا يجوز خرصه ، لأنه قادر على أن يصل ببقين إلى معرفة ما يطلب بالظن والتخمين .