الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص226
قال الماوردي : قد مضى الكلام في وقت الخرص فأما كيفية الخرص فعلى ما وصفه الشافعي ، وهو : أن يأتي الخارص فيطيف بكل نخلة حتى يرى ما فيها ، ويقدره رطباً وينظر كم يصير تمراً ، ثم يفعل كذلك بجميع النخل ، فإن كان النخل نوعاً واحداً جاز أن يخرص جميع ثمارها رطباً ويحصيه ، ثم ينظر كم يصير تمراً ويثبته ، وإن كان النخل أنواعاً لم يجز أن يحصي جميع خرصه رطباً ثم يجعله تمراً ، حتى يخرص كل نوع منها رطباً ثم يجعله تمراً حتى يخرص كل نوع منها رطباً ويرده إلى القدر الذي يصير تمراً ، لأن الرطب قد يختلف في نقصانه لاختلاف أنواعه ، فمنه ما يعود إلى نصفه ومنه ما يعود إلى ثلاثة أرباعه ، فإذا أحصى جميع الأنواع رطباً ثم جعلها تمراً ونقصانه مختلف أشكل عليه ولم يصح له وإذا كان نوعاً صح له ، واختلف أصحابنا في قول الشافعي ويطيف بكل نخلة هل هو شرط في صحة الخرص أو استظهار على ثلاثة مذاهب :
أحدهما : أنه استظهار واحتياط وليس بواجب ولا شرط لازم لما فيه من المشقة لا سيما مع كثرة النخل .
والثاني : أنه شرط في الخرص لا يصح إلا به لأن الخرص اجتهاد يلزم بذل المجهود فيه .
والثالث : وهو أصحهما أنه إن كانت الثمرة بارزة عن السعف ظاهرة من الجريد على ما جرت به عادة العراق في تدلية الثمار لم تكن إطاقة الخارص بكل نخلة شرطاً ، بل كان ذلك استظهاراً واحتياطاً ، لأن جميع ثمرها مرئي ، وإن كانت الثمرة مستترة بالسعف مغطاة بالجريد على ما جرت به عادة الحجاز كان إطافة الخارص بالنخلة شرطاً في صحة الخرص لأن ثمرها خفي .
قال الماوردي : وهذا صحيح .