الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص218
والوجه الثاني : تضم فيكون جفاف الثمرة وأوان جدادها علماً في ضم الثمار ، استدلالاً بمذهب وحجاج أما المذهب فما قاله الشافعي في كتاب الأم ، ولو كان له نخل في بعضها طلع ، وفي بعضها بلح ، وفي بعضها بسر ، وفي بعضها رطب ، فأدرك الرطب فجده ، وأدرك البسر فجده ، ثم أدرك البلح فجده ، ثم أدرك الطلع فجده ، ضمت بعضها إلى بعض ، لأنها ثمرة عام واحد ، وأما الحجاج فهو أن للثمرة حالين حال ابتداء وهو الاطلاع وحال انتهاء وهو الجفاف ، فلما لم يكن الضم معتبراً بالابتداء وجب أن يكون معتبراً بالانتهاء ، فمن قال بالوجه الأول وهو الصحيح انفصل عما قاله الشافعي في كتاب ‘ الأم ‘ بأن قال إنما جمع الشافعي في الضم بين الطلع والرطب ولم يجمع بين الاطلاع والرطب ، وقد يجوز الجمع بين طلع ورطب كأن ابتداء اطلاعه قبل الإرطاب ، وانفصل عن الحجاج ، بأن قال للثمرة حالة ثالثة هي بدو صلاحها ، واعتبارها أولى لأن الوجوب بها يتعلق .
قال الماوردي : وهذا كلام غلق ، والرواية في نقله مختلفة ، فروي فإذا كان آخر اطلاع ثمر اطلعت قبل نجد يعني قبل أن تجد ، وروي قبل نجد يعني ناحية نجد ، فعلى الرواية الأولى التي هي بمعنى قبل أن تجد وتقطع ، يكون معنى الكلام : وإذا كان اطلاع آخر ثمر اطلعت بنجد قبل عام أن تجد ثمر تهامة فما اطلع بعد ذلك من ثمار تهامة فهو ثمرة عام ثان لا يضم ، لأنك قد ضممت النجدية إلى التهامية الأولة ، فلم يجز أن تضم التهامية الثانية إلى النجدية لأنك تصير بمنزلة من ضم التهامية الثانية إلى التهامية الأولة ، وهي الفرع الذي قدمناه وهذا تأويل من جعل الجفاف على الضم ، وعلى الرواية الثانية التي هي بمعنى ناحية نجد ، يكون معنى الكلام وإذا كان آخر اطلاع ثم اطلعت بنجد فما اطلع من ثمار نجد بعد بلوغ هذه النجدية فهو ثمرة عام آخر لا يضم إليه ، وهذا تأويل من جعل بدو الصلاح علم الضم .