الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص216
أن يشترطا في القسمة قطعها في الحال ، فهذا في الثمرة إذا كانت بادية الصلاح فأما التي لم يبد صلاحها بعد فتخريج هذه الوجوه في صحة قسمتها يبنى على أربعة أحوال :
أحدها : أن يبيعها مفردة من غير شرط القطع لا يصح .
والثاني : أن يبيعها تبع للنخل من غير شرط القطع يصح .
والثالث : أن شرط القطع مع الإشاعة فيها لا يصح .
والرابع : أن يبيعها مفردة من صاحب النخل من غير شرط القطع على وجهين .
أحدهما : لا يصح كغيره .
والثاني : يصح لحصول الثمرة والأصل في ملك رجل واحد فيصير تبعاً للأصل ، فإذا تقررت هذه الأصول صح في قسمتها الوجه الأول والثاني والثالث والرابع على وجهين والخامس لا يصح وذلك يتبين بالتأمل والفكر فتأمله تجده صحيحاً ، وعلى ما قررناه جارياً إن شاء الله .
قال الماوردي : وهذا صحيح :
أجرى الله تعالى العادة في الثمار أن تدرك حالاً بعد حال ، ولا تدرك دفعة واحدة ، لما في إدراكها دفعة واحدة من الإضرار بأربابها ، وإذا أدركت حالاً بعد حال كان أمتع بها وأنفع لأربابها ، وأجرى العادة في ثمار البلاد الحامية كتهامة والحجاز أن يتعجل اطلاعها وإدراكها ، لغلظ الهواء وشدة الحر ، وفي ثمار البلاد الرطبة كنجد والعراق أن يتأخر اطلاعها وإدراكها لرقة الهواء وقوة البرد ، لمصلحة علمها وحكمة استأثر بها ، وأجرى في عادة النخل أن يكون من بدو إخراجها واطلاعها إلى منتهى نضجها وإدراكها أربعة أشهر ، وقيل : إن النخل يحول في السنة أربعين يوماً ثم في باقي السنة حامل إما ظاهراً أو باطناً .
فإذا تقرر هذا فلا بد من ضم ثمار العام الواحد بعضها إلى بعض ، سواء كانت في بلد واحد أو بلدان شتى ، فثمر النخل يجد بتهامة وهو بنجد بسر وبلح وجملته ، وهو أنه لا يخلو حال النخلين المتغايرين من أحد أمرين .
إما أن يتفق إطلاعهما .