پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص199

قال الماوردي : صورة هذه المسألة : في رجل معه نصاب باعه بعد وجوب زكاته كأربعين شاة ، أو ثلاثين بقرة ، أو خمسة أوسق ، أو عشرين ديناراً أو مائتي درهم . فهذا على ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يبيعها بعد أداء الزكاة عنها .

والثاني : أن يبيعها بعد اشتراط الزكاة منها .

والثالث : أن يبيع جميعها بيعاً مطلقاً ، فأما القسم الأول إذا باعها بعد أداء الزكاة عنها فالبيع في جميعها جائز ، لأنه قد أسقط حق المساكين منها ، وصار جميعها ملكاً له خالصاً .

والقسم الثاني : أن يبيعها ويشترط على المشتري أداء الزكاة منها ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يبيعه الجميع ويشترط عليه دفع الزكاة ، فهذا بيع باطل ، وشرط باطل ، لأنه شرط على المشتري تحمل الزكاة عنه ، وذلك ينافي موجب العقد .

والضرب الثاني : أن يستثني قدر الزكاة من البيع ، ويوقع العقد على ما سوى قدر الزكاة ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون المبيع مما تتماثل أجزاؤه كالحبوب والدراهم والدنانير ، فهذا بيع جائز سواء كان قدر الزكاة معيناً أو شايعاً .

والضرب الثاني : أن يكون مما تتفاضل أعيانه ولا تتفاضل أجزاؤه كالماشية ، فذلك ضربان .

أحدهما : أن يعين ما استثناه للزكاة .

والثاني : أن لا يعين ، فإن عين قدر الزكاة منها وقال : قد بعتك هذه الأربعين الشاة إلا هذه الشاة وأشار إليها فهذا بيع جائز لتمييز المبيع من غيره ، وإن لم يعين قدر الزكاة بل قال بعتكها إلا شاة لم يشر إليها لم يخل حال الغنم من أحد أمرين إما أن تكون مختلفة لأسنان أو متساوية ، فإن اختلفت الغنم فكان بعضها صغاراً وبعضها كباراً فالبيع باطل ، للجهل بالمعقود عليه ، وإن تساوت الغنم في الأسنان وتقاربت في الأوصاف ، فكان جميعها كباراً أو صغاراً ففي البيع وجهان :

أحدهما : أن البيع جائز لأنها إذا كانت بهذا الوصف شابهت الحبوب .

والثاني : وهو أظهر أن البيع باطل ؛ لأنها وإن تساوت في الأسنان فقد تختلف في السمن ، وليس كذلك الحبوب المتماثلة الأجزاء ، وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قولي الشافعي في جعل إبل الصدقة صداقاً .