الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص156
يأخذها في بيوت أهلها وأفنيتهم وليس عليه أن يتبعها راعيةً ويحصرها إلى مضيق تخرج منه واحدة واحدة فيعدها كذلك حتى يأتي على عدتها ‘ .
قال الماوردي : قد مضى الكلام في المسألة الأولى في زمان الأخذ ، والكلام في هذه المسألة في كيفية الأخذ ، وفي موضع الأخذ ، فلا يخلو حال الماشية من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يجدها في بيوت أهلها ، فهناك يأخذ زكاتها .
والقسم الثاني : أن يجدها على مياه أهلها ، فلا يكلف رب المال أن يسوقها إلى بيته ، ويأخذ زكاتها على ماء شربها ، لما روي أن النبي ( ص ) كتب لحارثة بن قطن ومن بدومة الجندل من كلب أن لنا الضاحية من البعل ولكم الضاحية منه من النخل ، لا نجمع سارحتكم ولا نعد فاردتكم .
قال أبو عبيد : فالضاحية هي النخل الظاهرة في البر ، والبعل ما يشرب بعروقه من غير سقي ، والضاحية ما تضمها أمصارهم وقراهم ، وقوله : ‘ لا نجمع سارحتكم ‘ أي : لا يجمع المواشي السارحة إلى الصدقة ، وقوله ‘ لا نعد فاردتكم ‘ لا تضم الشاة الفاردة إلى الشاة الفاردة ليحتسب بها في الصدقة .
والقسم الثالث : أن يجدها راعية ، فلا يكلف الساعي أن يتبعها راعية لما يناله من المشقة في اتباعها ، ولا يكلف رب المال أن يجلبها إلى فناء داره لما عليه من المشقة في جلبها ، بل على رب المال أن يجمعها على الماء ، فإن ذلك أرفق بهما ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ لا جلب ولا جنب ‘ يعني : أنه ليس على أرباب الأموال جلبها إلى بيوتهم ، ولأنهم أن يجانبوها فيتبعها الساعي في مراعيهم ، وقال قتادة الجلب والجنب في الرهان وقد كان للسعاة فيها طبل يضربون به عند مخيمهم ليعلم أرباب الأموال فيتأهبوا لجمع مواشيهم ، وفي ذلك يقول جرير :
قيل إن العقال الماشية ، والنقد الذهب والورق ، وقيل بل العقال القيمة ، والنقد الفريضة ، وقيل العقال صدقة عامين ، والنقد صدقة عام ، وأنشد ثعلب :