پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص154

الصلاة ، وبمثله يفرق بين زكوات الأموال وبين الصلاة ، وأما ما ذكروه من الجزية فلا يصح الجمع بينهما ، لأن وجوب الجزية أضيق ، ووجوب الزكاة أوسع ، ألا ترى أن الجزية تجب على الرجال دون النساء ، والزكاة تجب على الرجال والنساء فلم يصح الجمع بينهما والله أعلم بالصواب .

القول في زكاة المكاتب
مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ فأما مال المكاتب فخارجٌ من ملك مولاه إلا بالعجز وملكه غير تام عليه فإن عتق فكأنه استفاد من ساعته وإن عجز فكأن مولاه استفاد من ساعته ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال .

لا زكاة في مال المكاتب ، وبه قال فقهاء الأمصار ، وحكي عن عكرمة وأبي ثور أن الزكاة في ماله ، استدلالاً بعموم الظواهر من الكتاب والسنة ، قالوا وليس في المكاتب أكثر من نقصان التصرف ، وذلك غير مانع من وجوب الزكاة كالمحجور عليه لسفه أو فلس ، وهذا غلط .

والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الصحابة ، لأن عمر رضي الله عنه وعنهم قال : ‘ لا زكاة في مال المكاتب ‘ وليس له في الصحابة مخالف .

وقد روي هذا الحديث عن جابر عن رسول الله ( ص ) ، ولأن المكاتب ناقص الملك ، لأنه لا يورث ولا يرث فلم تلزمه الزكاة ، لأن من شرطها تمام الملك ، ولهذا المعنى فرقنا بينه وبين السفيه والمفلس ، لأن ملكهما تام ، ألا ترى أنهما يرثان ويورثان ، فإذا ثبت أن لا زكاة عليه فإن عجز عاد الملك إلى سيده ويستأنف الحول من وقت عوده وإن عتق ملك مال نفسه ، واستأنف الحول من يوم عتقه .

فصل

: فأما العبد إذا ملكه السيد مالاً فهل يملكه أم لا ؟ على قولين : فإن قيل لا يملك وهو الصحيح ، فعلى السيد زكاته ، وإن قيل يملك فلا زكاة على السيد ، لخروجه من ملكه ، ولا على العبد لرقه ، ومن أصحابنا من قال : تجب زكاته على سيده لأن له انتزاع المال من يده ، وهذا غلط ، والأول أصح ؛ لأنه ليس له جواز الرجوع فيه بموجب بقائه على الملك ، لأن للوالد أن يرجع فيما وهب ولده له ، وليس بباق على ملكه ولا هو مخاطب بزكاته ، كذلك السيد مع عبده ، والله أعلم بالصواب .