الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص138
والدلالة الثانية : قوله ‘ وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ، والتراجع يكون في خلطة الأوصاف دون الأعيان ، يؤيد ذلك ويؤكده ، رواية سعد بن أبي وقاص أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ والخليطان ما اجتمعا في الحوض ، والسقي ، والرعي ‘ وروى : ‘ والفحول ‘ ولأنه ملك لو انفرد به أحدهما وجبت زكاته ، فجاز إذا اشتركا فيه أن تجب زكاته لوجود النصاب كما أن كل مال سقطت عنه الزكاة لا لنقصان النصاب لم تجب فيه الزكاة بوجود النصاب ، كمال الذمي والمكاتب ، ولأن إيجاب الزكاة يفتقر إلى مالك ومملوك ، فلما وجبت الزكاة وإن افترق الملك اقتضى أن تجب الزكاة وإن افترق الملاك وأما الجواب عن قوله : ‘ وإذا لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فلا شيء فيها ‘ فهو دليلنا : لأنه قال الرجل فأدخل الألف واللام الداخلة للجنس أو للمعهود ، فلم يصح حملها على المعهود لفقده ، فكانت محمولة على الجنس ، كأنه قال وإذا لم تبلغ سائمة الرجال أربعين فلا شيء فيها ، وأما قوله : ‘ لا خلاط ولا وراط ‘ فهذا حديث ذكره أبو عبيد في ‘ غريب الحديث ‘ أن النبي ( ص ) كتب لوائل بن حجر الحضرمي ، ولقومه : ‘ من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة من أهل حضرموت بإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، على البيعة شاة واليتيمة لصاحبها ، وفي السيوب الخمس لا خلاط ، ولا وراط ، ولا شناق ، ولا شغار في الإسلام ‘ . قال أبو عبيد في تفسير هذا الحديث أن الأقيال ملوك باليمن دون الملك الأعظم ، والعباهلة الذين قد أقروا على ملكهم لا يزالون عنه ، والبيعة أربعون من الغنم ، واليتيمة الزائدة على الأربعين حتى تبلغ الفريضة الأخرى ، والسيوب الركاز ، قال أبو عبيد ولا أراه أخذ إلا من السيب وهو العطية والخلاط الشركة في المواشي ، والوراط الخديعة والغش ، والشنق ما بين الفريضتين ، والشغار عقد النكاح الخالي من الصداق ، فهذا تفسير أبي عبيد وليس في قوله لا خلاط دلالة على ما ذكروا ، لأنه يقتضي النهي عن نفس الخلطة ، وليس للزكاة ذكر ، والخلطة جائزة باتفاق ، وإنما أريد بها خلطة الجاهلية الواقعة على صفات حظرها الشرع ، وأما قياسهم على المنفرد فالمعنى فيه عدم النصاب ، وأما جمعهم بين الحول والنصاب ، فالمعنى فيه سواء ، لأننا نعتبر النصاب من حين الخلطة لا فيما قبل ، وأما قياسهم على السرقة فالمعنى فيه أنه لما لم تضم بعض سرقاته إلى بعض لم تضم سرقة غيره إلى سرقته ، ولما ضم بعض ماله إلى بعض ضم مال غيره إليه .