الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص102
فأما السن الذي لا يجوز دونه فهو ما تجوز أضحيته إن كانت ضأناً فجذعة ، وإن كانت معزى فثنية ، لما روي عن سويد بن غفلة قال أتانا مصدق رسول الله ( ص ) وقال : نهينا عن أخذ الراضع ، وأمرنا بالجذع من الضأن ، والثني من المعز ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لساعيه : وخذ الجذعة والثنية .
وأما الجنس فالمراعى فيه غنم البلد لا غنم المالك ، فإن كان مكياً فمن غنم مكة ضأناً أو معزى ، فإن أخرج غير المكية لم تجزه ، إلا أن تكون مثل المكية أو فوقها ، وإن كان بصرياً فمن غنم البصرة ضأناً أو معزى ، فإن أخرج من غير البصرية لم تجزه ، إلا أن تكون مثل البصرية أو فوقها ، وإنما كان كذلك ، لأن ما أطلق ذكره من غير وصف فوصفه محمول على غالب البلدان كأثمان المبيعات .
وأما النوع فالمزكى مخير فيه بين الضأن والمعزى ، ولا اعتبار بغالب غنم البلد ، وقال مالك اعتبار غنم البلد واجب في النوع كما كان واجباً في الجنس ، فإن كان غنم البلد الضأن لم آخذ المعز ، وإن كان الغالب المعز لم آخذ الضأن ، وهذا غلط ، لأن النوع قد ورد الشرع بتحديد أصله والتسوية بين جميعه ، فلم يحتج مع ورود الشرع به إلى اعتبار غالب البلد ، وكان هذا الخلاف الجنس المطلق ذكره في الشرع .
قال الماوردي : إنما أراد كرام الجنس ، كالبخت النجارية والعراب المجيدية ، فالواجب أن تؤخذ زكاتها كراماً ؛ لقوله تعالى : ( وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) ( البقرة : 267 ) ولأنه لو كان ماله لئاماً لم يكلف زكاتها كراماً ، كذلك إذا كان ماله كراماً لم يؤد زكاتها لئاماً ، وكذلك لو كانت كرام الوصف فكانت سماناً لم تؤخذ زكاتها إلا سمانا ، فأما إن كانت كرام السن فكانت جذاعاً وثنايا وكانت خمساً وعشرين ، لم يؤخذ منها إلا بنت مخاض من جنسها ، ولا يؤخذ منها جذعة ولا ثنية ، ولأن زيادة السن تجري مجرى زيادة العدد ، فلو أخذت الجذعة من خمس وعشرين إذا كانت جذاعاً لبطل اعتبار النصب ، ولا يستوي فرض قليل الإبل وكثيرها ، وكرامة الجنس لا تجري مجرى زيادة العدد ، ولا تأثير له في زيادة الفرض ، فلذلك وقع بينهما الفرق .