الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص91
فإن كان تلف المال قبل الحول ، فحكم التألف منه حكم ما لا يوجد ، فإن تلف جميع المال فلا زكاة ، وإن تلف بعضه اعتبر حكم باقيه إذا حال حوله ، فإذا بلغ نصاباً زكاه ، وإن نقص عن نصاب فلا زكاة ، فهذا حكم التالف قبل الحول .
وأما التالف بعد الحول فعلى ضربين :
أحدهما : أن يتلف بعد الحول وبعد إمكان الأداء ، فهذا الزكاة عليه واجبة ، سواء تلف بعض المال أو جميعه ، سواء قيل إن الإمكان من شرائط الوجوب أو من شرائط الضمان ، لأنه بإمكان الأداء قد وجب عليه إخراجها وحرم عليه إمساكها ، وصار بعد الأمانة ضامناً ك ‘ الوديعة ‘ التي يجب ردها فيضمنها المودع بحبسها .
وقال أبو حنيفة : لا ضمان عليه لأن إخراجها عنده على التراخي لا على الفور ، فيخرجها متى شاء وهذا غلط ، بل إخراجها على الفور ، لأن ما وجب إخراجه وأمكن أداؤه لم يجز تأخيره ، كالودائع وسائر الأمانات .
والضرب الثاني : أن يكون التلف بعد الحول وقبل إمكان الأداء ، فذلك ضربان :
أحدهما : إن تلف جميع المال فلا زكاة عليه على القولين جميعاً لا يختلف ، سواء قيل إن الإمكان من شرائط الوجوب أو من شرائط الضمان ، لأنا إن قلنا إن إمكان الأداء من شرائط الوجوب فقبل الإمكان لم تجب الزكاة ، وإن قلنا : إن الإمكان من شرائط الضمان فقد وجبت الزكاة بالحول غير أنها في يده أمانة للمساكين لا يضمنها إلا بالإمكان ، وإن كانت في يده أمانة لم يلزمه ضمانها بالتلف ك ‘ الوديعة ‘ .
والضرب الثاني : أن يتلف بعض المال ويبقى بعضه ، فعند ذلك يتضح تبيين القولين في كل واحد من الأصلين ، وسنذكر لفروعهما وبيان تأثيرهما فصلين .
أحدهما : في الغنم .
والثاني : في الإبل لنبني عليهما جميع الفروع ، فأما الفضل في الغنم فهو : أن يكون معه ثمانون شاة يحول عليها الحول ثم تتلف منها أربعون قبل إمكان الأداء وتبقى الأربعون ، فهذا ترتيب على الأصلين في إمكان الأداء وعفو الأوقاص ، وإن قلنا : إن إمكان الأداء مند شرائط الوجوب فعليه شاة كاملة لوجود الإمكان وهو يملك أربعين ، وما تلف قبل الإمكان كما لم يكن ، وإن قلنا : إن الإمكان من شرائط الضمان ، وأن الوجوب بالحول انبنى ذلك على اختلاف قوله في الوقص هل له مدخل في الوجوب أم لا ؟ فإن قلنا : لا مدخل له في الوجوب ، وأن الشاة مأخوذة من الأربعين والزيادة عليها عفو فعليه شاة أيضاً ، لأن ما لا يتعلق به الوجوب وجوده وعدمه سواء ، وإن قلنا : إن الوقص داخل في الوجوب وأن الشاة مأخوذة