الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص35
والثاني : استعمال ، فأما الترجيح فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : أن راوي خبرنا شاهد الحال ، وهو جابر وأنس وراوي خبرهم ابن عباس ولم يشاهد الحال ، لأنه كان له عام أحد سنتان ، ومات النبي ( ص ) وله تسع سنين .
والثاني : متفق على استعمال بعضه وهو الصلاة وخبرهم مختلف في استعمال جميعه .
والثالث : أن خبرنا ناقل لما ثبت من حكم الصلاة ، وخبرهم مبق لحكم الصلاة ، فكان خبرنا أولى لما ذكرناه من الترجيح ، وأما الاستعمال فمن وجهين .
أحدهما : أن نحمل روايتهم على الدعاء لهم دون الصلاة التي يدخلها بإحرام ويخرج منها بسلام .
والثاني : أن نحمل ذلك على من مات منهم في غير المعترك .
وأما الجواب عن حديث عقبة بن عامر فمحمول على الدعاء لهم بإجماعنا وإياهم على أن الصلاة عليهم بعد ثمان سنين غير جائزة ، وأما حديث الأعرابي فلأنه قتل في غير المعترك ، وأما قياسهم فمنتقض بالذي إذا قتله قطاع الطريق هو مقتول ظلماً ثم لا يصلى عليه ، على أن المعنى فيمن قتل في غير المعترك أنه يغسل ، فلذلك صلى عليه ولما كان المقتول في المعترك لا يغسل فلذلك لم يصل عليه ، وأما قولهم إنها استغفار فيفسد بالسقط .
وقال أبو حنيفة لا يجوز لوليه أن ينزع عنه ثيابه ، لقوله ( ص ) ‘ زملوهم في كلومهم ‘ .
ودليلنا ما روي ‘ أن حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وحليفاً له لما قتلا يوم أحد هم النبي ( ص ) ليدفنهما بثيابهما فمنعت صفية بنت عبد المطلب من ذلك وجاءت بثوبين أبيضين فكفنهما ( ص ) فيهما ودفنهما معاً ‘ فإذا ثبت أن لوليهما الخيار في تركها أو أن ينزعها فعليه أن يكفنه في غيرها ويدفنها ، وإن تركها كان أولى إلا أنه ينبغي أن ينزع عنه الخفاف والفراء وما ليس من لباس الناس غالباً عاماً ، ويترك ما سوى ذلك من غالب اللباس مخيطاً كان أو غير مخيط .