الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص23
قال الشافعي ويأخذ القطن فيضعه على الحنوط والكافور فيضعه على فيه ومنخريه وعينيه وأذنيه وموضع سجوده وجميع منافذه ، وإن كانت به جراح أو قروح وضع عليها ، ويحفظ رأسه ولحيته بالكافور ، وإنما اخترنا أن يفعل ذلك بمساجده وهي أعضاؤه السبعة لما روي في الحديث أن الله تعالى يوكل به من يذب عن موضع سجوده النار ، ولقوله تعالى : ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أثَرِ السّجُودِ ) ( الفتح : 29 ) واخترنا أن يفعل ذلك في منافذه وجراحه حفاظاً للخارج منه وصيانة للأكفان .
قال الشافعي في الأم وأكره أن يجعل في عينيه الزاووق ، وأن يجعل على بدنه المرداسنج ، والزاووق هو شيء لزج كالصمغ يمسكه ويحفظه ، وإنما كرهته لأنه غير منقول عن أحد يتبع .
وكذلك يكره استعمال الصبر ، قال الشافعي في الأم ولا يجعل الميت في صندوق وهو التابوت ، وإنما نهى عنه لأن النبي ( ص ) وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوه ، وقد روي عن سعد بن أبي وقاص أنه أوصى فقال : لا تجعلوني في الصندوق .
قال الشافعي ثم يثني عليه ضفة الثوب الذي يليه على شقه الأيمن ، ثم يثني ضفة الثوب الآخر على شقه الأيسر كما يشتمل الحي ، وهذا صحيح إذا أراد أن يدرجه في أكفانه بدأ بما يلي شقه الأيسر فألقاه على شقه الأيمن ، وما يلي شقه الأيمن فألقاه على شقه الأيسر ، ثم يفعل بالثاني والثالث مثل ذلك ، فإذا فرغ من ذلك أخذ ما عند رأسه فألقاه على وجهه ، لأن لا يكشفه الريح وأخذ ما عند رجليه فألقاه على رجليه ، ثم ينظر فإن كان الطريق بعيداً يخاف أن يكشفه الريح فينبغي أن يخرق منه ضفة دقيقة فيشدها عليه ، فإذا أدخل قبره حلت ، وإن كان الطريق قريباً لم يشد ، لأن عادة السلف بالحرمين لم تجر بمثله .