الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص14
موته ، وكسر عظمه بعد موته ككسره قبل موته ‘ فسوى بين حرمتهما فاقتضى تساوي حكمهما .
وروي أبو سعيد الخدري أن النبي ( ص ) قال ‘ يحشر المرء في ثوبيه اللذين مات فيهما ‘ قال أهل العلم يحشر في عمله الصالح والطالح ، فدل ذلك على ثبوت إحرامه بعد موته ، ولأنه عقد لا يخرج منه بالجنون فجاز أن يبقى بعض أحكامه بعد الموت كالنكاح ، ولأنها عبادة ثبتت حكماً ، يفعله تارة ويفعل غيره أخرى فوجب أن لا يبطل حكمها بالموت كالإيمان ، ولأنه معنى يزيل التكليف فوجب أن لا يبطل حكم الإحرام كالإغماء والجنون ، ولأنه ليس محرم في حياته فوجب أن لا يزول تحريمه بوفاته كالحرير والثوب المغصوب .
فأما الجواب عن قوله ( ص ) ‘ خمروا رءوس موتاكم ‘ فالمراد به من سوى المحرم لأنه قال ولا تشبهوا باليهود وليس في اليهود محرم .
وأما الجواب عن قوله ( ص ) ‘ وإذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ‘ فهو أن هذا لو لزمنا في سائر المحرمين للزمهم في المحرم الذي حكم فيه رسول الله ( ص ) أن لا يغطى رأسه ، فلما لم يمتنع لهم تخصيص ذلك المحرم لم يمتنع لنا تخصيص سائر المحرمين ، على أنه قد روي في خبر انقطع عمله إلا من خمس ذكر فيها حج يؤدي ودين يقضى ، فثبت بنص الخير تخصيص المحرم .
وأما قياسهم على الصلاة ، فالمعنى في الصلاة : أنها تبطل بالجنون والإغماء ، وأما قياسهم على المعتدة فليس للشافعي فيها نص ، ولأصحابنا فيها اختلاف ، على قول أبي إسحاق أن حكم العدة باق ، فعلى هذا يسقط سؤالهم ، وعلى قول غيره من أصحابنا قد انقطع حكم العدة .
والفرق بينها وبين الإحرام أن العدة حق لآدمي على بدن فانقطع حكمه بالموت والإسلام ، وأما سقوط العدة فلأجل عدم الاستمتاع ، وتحريم الطيب باق لأجل الإحرام ، كالميت يحرم تكسير عظمه لبقاء حرمته ، وسقط إرشه لزوال منفعته .
قال الماوردي : أما استحداث المجمر من حين غسله إلى وقت الفراغ منه : فلقوله ( ص ) ‘ اصنعوا بميتكم ما تصنعون بعروسكم ‘ وليقطع رائحة إن ندرت منه ، صيانة له ، ومنعاً من أذى من حضره ، وأما كتمانه لما يرى من تغيير الميت وسوء أمارة فمأمور به لا يحل للغاسل أن يتحدث به ، لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ من غسل ميتاً فكتم عليه غفر الله له أربعين