الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص12
قال الماوردي : وصورة ذلك : أن يخرج منه بعد كمال غسله خارج ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعيد غسله ، وبه قال ابن أبي هريرة وهو ظاهر نصه في هذا الموضع ، لأن الخارج ناقض لحكم غسله ، وليس للميت طهارة غير غسله .
والوجه الثاني : أن يغسل النجاسة ويوضئه كالحي .
والوجه الثالث : يغسل موضع النجاسة لا غير ، وبه قال أبو إسحاق المروزي وهو مذهب مالك وأبي حنيفة لاستقرار غسله واستحالة الحدث فيه .
قال الشافعي : ثم ينشفه في ثوب ، ثم يصير في أكفانه ، وإنما أمر بذلك ، لأن رسول الله ( ص ) نشف في ثوب ، ولأن ذلك أمسك لبدنه وأوفى لكفنه .
قال الماوردي : أما أخذ شعره وتقليم ظفره فغير مأمور به إذا كان يسيراً ، وإن طال ذلك وفحش فأخذه غير واجب ، وفي استحبابه قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم : أن أخذه مكروه وتركه أولى ، وهو مذهب مالك والمزني ، لأنه لما كان الختان الواجب في حال الحياة لا يفعل بعد الوفاة كان هذا أولى ، ولأنه لو وصل عظمه بعظم نجس كان مأخوذاً بقلعه في الحياة ولا يؤمر بقلعه بعد الوفاة ، فهذا أولى ، قال المزني لأنه يصير إلى بلى عن قليل ، ونسأل الله خير ذلك المصير .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد أن أخذه مستحب وتركه مكروه ، لقوله ( ص ) اصنعوا بميتكم ما تصنعون بعروسكم ، ولأن تنظيف سن في حال الحياة من غير ألم ، فوجب أن يستحب بعد الوفاة كإزالة الأنجاس ، فعلى هذا يختار أن يؤخذ شعر عانته وإبطيه بالنورة لا بالموسى ، لأن ذلك أرفق به ، ويقصر شعر شاربه ولا يحلق ، ويترك لحيته ولا يمسها ، فأما شعر رأسه فإن كان ذا جمة في حياته ترك ، وإن لم يكن ذا جمة حلق ويقلم أظفار أطرافه ، ثم حكى عن الأوزاعي أن ذلك يدفن معه ، والاختيار عندنا أنه لم يرد فيه خبر يعمل عليه ولا أثر يستند إليه .