الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص468
أحدهما : أن أخذه واجب لقوله تعالى : ( وليأخذوا أسلحتهم ) ( النساء : 102 ) فكان الأمر بأخذه دالا على وجوبه ثم أعاد الأمر تأكيدا وحذر من العدو به فقال تعالى : ( وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) ( النساء : 102 ) ثم رفع الجناح عن تاركه فقال تعالى : ( ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم ) [ النساء : 102 ] فدل على أن الجناح لاحق بتاركه من غير عذر .
والقول الثاني : أن أخذه استحباب لأن الله تعالى أمر بأخذه لعذر فقدم حظرة لأنه عمل في الصلاة والأمر بعد الحظر يقتضي الإباحة كقوله تعالى : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) [ المائدة : 2 ] ، ولأن الطائفة المصلية مع الإمام محروسة بغيرها والقتال غير متعين عليها وحمل السلاح يراد إما لحراسة أو قتال وإذا لم يجب ذلك عليهم لم يجب حمل السلاح عليهم ، ولأنه لو كان واجبا في الصلاة لوجب أن يكون تركه قادحا في الصلاة وفي إجماعهم على صحة الصلاة بتركه دليل على أنه غير واجب .
ومن أصحابنا من قال : ليست المسألة على قولين : وإنما هي على اختلاف حالين . والموضع الذي أوجبت فيه حمل السلاح وهو ما يدفع به عن نفسه كالسكين والخنجر ، والموضع الذي استحب فيه حمل السلاح : هو الموضع الذي يدفع به عن غيره كالقوس والنشاب .
فأما الذي يحرم حمله فيها ضربان : نجس ومانع .
فالنجس ما غش جلد ميته لم يدبغ أو نجس بدم جريح أو طلي بسم حيوان والمانع البيضة السابقة على جبهته ، والنور المانع من ركوعه وسجوده ، وأما الذي يكره حمله فيها : فهو السلاح الثقيل الذي يتأذى بحمله فيها ، وأما الذي يجب حمله فهو السكين والخنجر وما يمنع به عن نفسه ، وأما الذي يستحب حمله فيها : فهو القوس والنشاب وما يمنع به عن غيره ، وأما الذي يختلف باختلاف حال المصلي فكالرمح إن كان في وسط الناس كان مكروها لأنه يؤذي به من جواره . وإن كان في حاشية الناس كان مستحبا لأنه يدفع به عن غيره .
ومن قال المسألة على قوليه جعل السلاح على أربعة أضرب :