الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص429
فأما إذا جلس الإمام على المنبر فقد حرم على من في المسجد أن يبتدئ بصلاة النافلة ، وإن كان في صلاة خففها وجلس ، وهذا إجماع لقوله تعالى : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ) [ الأعراف : 204 ] فإنها نزلت في الخطبة ، فسمى الخطبة قرآنا ، لما يتضمنها من القرآن .
فأما من ابتدأ دخول المسجد في هذه الحالة والإمام على المنبر ، فالسنة عندنا أن يصلي ركعتين ، ولا يزيد عليهما ، تحية المسجد فيمن يجلس منه وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجوز له أن يركع والإمام على المنبر تعلقا بقوله تعالى : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له و أنصتوا ) [ الأعراف : 204 ] والصلاة تضاد الإنصات ، وبما روي عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ من دخل والإمام يخطب فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ ‘ .
قالوا : ولأنه معنى يمنع من استماع الخطبة ، فوجب أن يكون ممنوعا منه كالكلام قالوا : ولأن كل من حضر الخطبة كان ممنوعا من الصلاة كالجالس إذا أتى بتحية المسجد .
ودليلنا : ما روي أبو ذر قال : دخلت المسجد ورسول الله ( ص ) جالس ، فضرب بيده بين كتفي وقال لي : ‘ إن لكل شيء تحية ، وتحية المسجد أن تصلي ركعتين إذا دخلت ، قم فصل ‘ فكان هذا على عمومه .
وروي أبو سفيان عن جابر بن عبد الله أن سليك الغطفاني دخل يوم الجمعة ورسول الله ( ص ) يخطب ، فجلس فقال له : قم فاركع ركعتين تجوز فيهما .
وروي محمد بن المنكدر عن جابر عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ إذا جاء أحدكم يوم الجمعة ، والإمام يخطب فلا يقعد حتى يصلي ركعتين خفيفتين ثم يجلس ‘ .
وروي أن أبا سعيد الخدري دخل يوم الجمعة ومروان يخطب ، فقام ليركع ، فقام إليه