الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص423
قال الماوردي : وهذا صحيح .
وإنما لم تجب عليهم الجمعة لرواية أبي الزبير عن جابر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا امرأة أو مسافرا أو مريضا أو صبيا أو مملوكا ‘ .
ثم من لا جمعة عليه ضربان : ضرب لا يتعين عليهم إذا حضروها : وهم الصبيان ، والنساء ، والمسافرون ، ومن فيهم الرق ، وإنما لم يتعين عليهم إذا حضروا لبقاء المعنى الذي به سقطت عنهم الجمعة وهو : الرق ، والأنوثية ، والسفر فإن صلوا الجمعة سقط فرضهم لان المعذور إذا أتى بفرض غير المعذور أسقط فرضه ، كالمسافر إذا أتم الصلاة وصام .
والضرب الثاني : من يتعين عليه الجمعة بحضورها وإن كان معذورا ، بالتأخير عنها : وهو المريض ، ومن له عذر بإطفاء حريق ، أو إحفاظ مال ، أو خوف من سلطان ، وإنما يتعين فعلها عليهم إذا حضروا لزوال أعذارهم .
قال الماوردي : وهذا كما قال . المتأخرون عن حضور الجمعة ضربان : ضرب تأخروا عنها لعذر . وضرب تأخروا عنها لغير عذر .
فأما المتأخرون عنها لعذر فضربان : ضرب يرجى زوال أعذارهم : كالعبد الذي يرجى زوال رقه ، والمسافر الذي يرجى زوال سفره ، والمريض الذي يرجى زوال مرضه ، فيختار لهم أن لا يصلوا الظهر إلا بعد انصراف الإمام من صلاة الجمعة ؛ لأنه ربما زالت أعذارهم فحضروها ، فإن صلوا الظهر قبل انصراف الإمام أجزأهم ، فلو زالت أعذارهم بعد ذلك والجمعة قائمة لم يلزمهم حضورها .
وضرب لا يرجى زوال أعذارهم : كالنساء لا يرجى لهن زوال الأنوثية ، فيختار لهم أن يصلوا الظهر لأول وقتها ، ولا ينتظروا انصراف الإمام ، ليدركوا فضيلة الوقت .
وأما المتأخرون عنها بغير عذر : فلا يجوز لهم أن يصلوا الظهر قبل انصراف الإمام من صلاة الجمعة ، لأن فرضهم الجمعة لا الظهر ، فإن صلوا الظهر بعد انصراف الأمام أجزأهم