الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص416
قال الماوردي : صورة المسألة : في رجل احرم مع الإمام بصلاة الجمعة ، وركع بركوعه ، ثم زحم عن السجود معه ، فله حالان :
أحدهما : أن يمكنه السجود على ظهر إنسان ، فيلزمه السجود عيه ، نص الشافعي رضي الله عنه عليه في القديم . لما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إذا زحم أحدكم في الصلاة فليسجد على ظهر آخر وليس له في الصحابة مخالف ، ولأن صفة السجود في الأداء معتبرة بالإمكان كالمريض .
والحال الثانية : أن لا يمكنه السجود على ظهر إنسان حتى يرفع الإمام من سجوده فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون متى سجد أدرك ركوع الثانية مع الإمام ، فهذا عليه أن يسجد أولا ، ثم يركع مع الإمام ، سواء أدركه قائما في الثانية ، أو راكعا فيها ، لأنه لم يؤخذ عليه مفارقة الإمام في أفعاله ، وإنما أخذ عليه اتباعه فيها ، ألا ترى أن الذين حرسوا النبي ( ص ) في صلاته بعسفان سجدوا بعد قيامه .
وقد روي عن النبي ( ص ) انه قال : ‘ مهما أسبقتكم به إذا ركعت تدركوني إذا رفعت لأنني بدنت ‘ أي كبرت .
فإذا سجد نظر في حاله : فإن أدرك قراءة الفاتحة في الثانية ، والركوع مع الإمام قبل رفعه منه ، صحت صلاته . وإن لم يدرك قراءة الفاتحة :
فإن قيل ليس على المأموم أن يقرأ خلف إمامه فقد صحت صلاته أيضا ، وإن قيل عليه أن يقرأ خلف أمامه فعلى وجهين : أصحهما يجزئه ، ويصير بمثابة من أدرك إمامه راكعا فيحتمل عنه القراءة فيها . والوجه الثاني : لا يجزئه ، لأنه قد أدرك محل القراءة ، فصار كالناسي .
والضرب الثاني : أن يكون متى سجد فاته ركوع الثانية مع الإمام ، فهل يأتي بالسجود أو يتبع الإمام في الركوع ؟ على قولين :
أحدهما : نص عليه في الجديد وهو أحد قوليه في ( الإملاء ) وبه قال أبو حنيفة : يأتي بالسجود الذي عليه من الأولى ، ولا يتبع الإمام في ركوع الثانية ووجد هذا : قول النبي ( ص ) : ‘ لا صلاة لمن عليه صلاة ‘ وقوله ( ص ) : ‘ إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا ‘