الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص411
مجمع عليه في تعليق الحكم ، وما دونه من الأعداد مختلف فيه . والثاني : أنه عدد قد وجد في الشرع جمعة انعقدت به ، وهو حديث أسعد ولم يوجد في الشرع جمعة انعقدت بأربعة ، فكان العدد الذي طابق الشرع أولى ، وبهذا يبطل ما اعتلوا به لمذهبهم
ثم من الدليل على فساد ما اعتبره من العدد : أن يقال : أنه عدد لا تبنى لهم الأوطان غالباً ، فوجب أن لا تنعقد بهم الجمعة كالواحد والاثنين
فأما ما اعتبره مالك في الأوطان فغير صحيح ، لأن الأوطان والعدد شرطان معتبران ، فلم يجز إسقاط أحدهما بالآخر ، على أن اعتبار العدد أولى ، لأنه معنى يختص بمن وجب الفرض عليه
فأما ما استدلوا به من قوله ( ص ) : ‘ تجب الجمعة في جماعة ‘ فلا حجة فيه ، لأننا نوجبها في جماعة ، ولكن اختلفنا في عددها ، والخبر لا يقضي على أحد الأعداد دون غيره ، فلم يصح لهم الاحتجاج به
وأما ما ذكروه أن النبي ( ص ) صلى باثني عشر رجلاً حين انفض عنه أصحابه فلا حجة فيه ، لأن انفضاضهم كان بعد الإحرام
وقد كانت انعقدت بأربعين ، واستدامة العدد مسألة أخرى نذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى
قال الماوردي : وهذا كما قال
وأما الخطبتان فواجبتان ، وشرائط الجمعة معتبرة فيهما فلا يجوز أن يخطبهما إلا بعد الزوال ، إذا حضرها أربعون فصاعداً ، ووجب أن الخطبة أربع كلمات ، نذكرها في مواضعها وما سواهن من سننها
فإن خطب فأتى بواجبات الخطبة أو بعضها ، والعدد أقل من أربعين ، لم يجز أن يصلي بهم الجمعة ، وإن كانوا عند إحرامه أربعين ، حتى يبتدئ الخطبة على أربعين ، ويحرم بالصلاة مع أربعين ، وقال أبو حنيفة : ليس العدد معتبراً في الخطبة ، وإن كان معتبراً في الصلاة ، تعلقاً بأن الأذكار التي تتقدم الصلاة لا يشترط فيها الاجتماع كالآذان وهذا خطأ
ودليلنا : أن النبي ( ص ) خطب بحضرة أصحابه ، وقال : ‘ صلوا كما رأيتموني أصلي ‘ ، ولأن كل من افتقر إلى حضوره في الصلاة افتقر إلى حضوره في الخطبة كالإمام ، ولأنها أذكار