الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص391
إذا اجتمع مسافرون ومقيمون فأرادوا الصلاة جماعة فإن كان فيهم إمام الوقت أن سلطان البلد فهو أولاهم بالإمامة مقيماً كان أو مسافراً ، وإن لم يكن فيهم إمام ولا سلطان واستووا في الفقه والقراءة فإمامة المقيم أولى لأمرين :
أحدهما : أن يتم الصلاة والإتمام أفضل
والثاني : لأنه يستوي من خلفه فيكون فراغهم على سواء فلهذين كانت إمامة المقيم أولى فإن قدموا مسافراً جاز وإن كان المقيم أولى ، وهل تكره إمامته أم لا على قولين :
أحدهما : نص عليه في الأم أنها مكروهة لهم لخروجه من الصلاة قبلهم
والقول الثاني : نص عليه في الإملاء لا يكره لهم لأن المسافر بخلاف المقيم في إباحة الرخصة وليس استباحة الرخصة نقصاً فيه ، فإذا أمهم صلى ومن خلفه من المسافرين ركعتين إن أحبوا القصر ووجب على من خلفه من المقيمين أن يتموا الصلاة أربعاً ولم يجز أن يقصروا لأن فرضهم الإتمام ، وقد روي أن النبي ( ص ) صلى بقوم ثم قال : أتموا يا أهل مكة
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنه صلاة بقوم فلما فرغ قال أتموا أيها المقيمون فإنا قوم سفر
وروي نحوه عن عثمان رضي الله عنه ، فإذا سلم الإمام قال الشافعي ، اختيروا أن يأمر المقيمين بإتمام الصلاة أربعاً ، فلو أمرهم بذلك قبل إحرامهم كان أولى لأنه ربما جهل بعضهم فسلم بسلامه وإن لم يأمرهم بشيء من ذلك فلا حرج عليه ، فإذا أراد المقيمون إتمام صلاتهم أربعاً بعد فراغ الإمام فاستخلف الإمام عليهم واحداً منهم ليتم بهم أو قدموا أحدهم وقيل بجواز الاستخلاف على قوله في الجديد ففي جواز هذا وجهان :
أحدهما : وهو أشبه بقوله يجوز لأنه لما جاز أن يستخلف إذا خرج منها قبل تمام صلاته جاز أن يستخلف إذا خرج منها قبل تمام صلاتهم
والوجه الثاني : لا يجوز الاستخلاف عليهم ويتمون الصلاة فرادى ؛ لأن النبي ( ص ) وافى مع المغيرة بن شعبة وقد صلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بالناس ركعة فصلى النبي ( ص ) ركعة فلما فرغ عبد الرحمن أتم النبي ( ص ) لنفسه ولم يؤم المغيرة فدل على أن الاستخلاف بعد فراغ الإمام غير جائز ، والفرق بين هذا وبين جواز الاستخلاف قبل فراغ