الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص377
بحال الأداء في الموضعين معاً ، وكذلك إذا كان في حال أدائها مسافراً يجوز له القصر وإن وجبت عليه وهو مقيم ، وفي هذا جواب لما استدل به من وجوب الصلاة ، وما ذكره من الحيض فغير لازم لأن الحيض إذا طرأ منع من الأداء وإذا طهرت وجب عليها القضاء ، والسفر إذا طرأ لم يمنع من الأداء ، فلذلك لم يمنع من القصر لوجود الأداء وعدم القضاء فافترقا
والضرب الثالث : أن يسافر وقد بقي من وقت الصلاة قدر أدائها فمذهب الشافعي وعامة أصحابه جواز قصرها ، وقال أبو الطيب بن سلمة يتم لا يقصر لأنه قد تعين عليه الأداء ليتعين عليه التمام وفارق أول الوقت لأنه لم يتعين عليه الأداء ، وما قدمناه من الدليل حجة عليه وليس لفرقة بين أول الوقت وآخره مع وجود الأداء في الموضعين وجه
والضرب الرابع : أن يسافر في آخر وقت الصلاة وقد بقي منه مقدار ركعة ففيه قولان :
أحدهما : وهو المنصوص عليه في كتبه وعليه عامة أصحابه يتم الصلاة ولا يقصرها لعدم الأداء في جميعها
والقول الثاني : نص عليه في الإملاء . وبه قال أبو علي بن خيران يجوز قصرها ، ولأن الصلاة قد تجب بآخر الوقت في أصحاب العذر والضرورات كوجوبها في أوله فاقتضى أن يستويا في جواز القصر
قال الماوردي : وهذا كما قال لا يجوز قصر الصلاة إلا بثلاث شرائط ، السفر لأن الحاضر لا يقصر ، وأن يكون مؤدياً للصلاة لا قاضياً وأن ينوي القصر مع الإحرام ، فمن أخل بشرط منها أو لم ينو القصر عند الإحرام بها لم يجز له القصر ووجب عليه الإتمام
وقال المزني القصر لا يفتقر إلى النية مع الإحرام بل إذا أطلق النية وصلى ركعتين وسلم ناوياً للقصر مع سلامه جاز ، وإن سلم غيرنا وكان كمن سلم في صلاته لا تفتقر إلى النية مع أول العبادة ، ألا ترى لو نوى الطهارة عن غسل وجهه كان له المسح على الخفين وإن لم يقدم النية وهذا الذي قاله غلط لأنا متفقون على وجوب النية ، وإنما الخلاف في محلها ، وكل صلاة افتقرت إلى النية فإن محل تلك النية فيها الإحرام ، قياساً على نية