پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص368

ولقول عائشة رضي الله عنها كان رسول الله ( ص ) في سفره يصوم ويتم ويقصر

ولحديث أنس بن مالك ، ولأن الفطر رخصة والصوم عزيمة وفعل العزيمة أولى من الأخذ بالرخصة وإذا ثبت جواز الصوم في السفر فلا يختلف أصحابنا أنه أولى من الفطر وأفضل ؛ لأن الفطر مضمون بالقضاء وفواته غير مأمون ، فأما قوله ( ص ) : ‘ ليس من البر الصيام في السفر ‘ فهذا ورد على سبب وهو أن النبي ( ص ) : مر برجل وقد أحدق به الناس ، فسأل عنه فقيل مسافر قد أجهده الصوم فقال ( ص ) : ‘ ليس من البر الصيام في السفر ‘ وعندنا أن من أجهده الصوم ففطره أولى به

وأما قوله ( ص ) : ‘ الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ‘ فالمراد به من لم ير الفطر في السفر جائز

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن نوى السفر فلا يقصر حتى يفارق المنازل إن كان حضرياً ويفارق موضعه إن كان بدوياً ‘

قال الماوردي : وهو كما قال

إذا نوى سفراً يقصر في مثله الصلاة فليس له أن يقصر في بلده بمجرد النية قبل إنشاء السفر وهو قول كافة الفقهاء

قال عطاء والأسود والحارث بن أبي ربيعة إذا نوى السفر جاز له القصر في منزله بمجرد النية قالوا : لأنه لما صار مقيماً بمجرد النية من غير فعل ، وهذا خطأ

والدلالة على فساده قوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) [ النساء : 101 ]

فأباح الله تعالى القصر للضارب في الأرض والمقيم لا يسمى ضارباً

وروى الشافعي عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس بن مالك أن رسول الله ( ص ) لما خرج في حجة الوداع صلى الظهر بالمدينة فأتم وصلى العصر بذي الحليفة فقصر

ومعلوم أن رسول الله ( ص ) قدم النية لسفره قبل الزوال ثم أتم الظهر لأنه صلاها قبل خروجه

ولأنه لما وجب عليه الإتمام إذا دخل بنيان بلده عند قدومه من سفره إجماعاً وجب أن لا يجوز له القصر في ابتداء خروجه قبل مفارقة بنيان بلده حجاجاً