الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص364
تأويل قبيح يدفعه ظاهر الآية ، ويبطله إجماع الصحابة لأن يعلى بن أمية قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : أباح الله تعالى القصر في الخوف فما بالنا نقصر في غير الخوف ؟ فقال عمر رضي الله عنه : عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله ( ص ) فقال : ‘ القصر صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ‘ فقد فهمت الصحابة رضي الله عنهم من الآية مع ظهوره على أن قصر الهيئات لا تختص بالخوف أو السفر المشروط في الآية ، فعلم أن المراد به قصر الأعداد ، ومن الدلالة على ما ذكرنا ما رواه عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله ( ص ) في سفره يتم ويقصر ويصوم ويفطر
وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت سافرنا مع رسول الله ( ص ) فلما انصرفنا قال لي : يا عائشة ماذا صنعت في سفرك قلت أتممت ما قصرت وصمت ما أفطرت فقال أحسنت
فدل ذلك من قوله ( ص ) على أن القصر والفطر رخصة
وروي عن أنس بن مالك قال : سافرنا مع رسول الله ( ص ) فمنا المتم ومنا المقصر . ومنا الصائم ومنا المفطر . فلم يعب المتم على المقصر ولا المقصر على المتم ولا الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ، ولأنه أتى بغرض الإقامة فيما يصح فعله منفرداً فوجب أن يجز به
أصله : التمام في الصلاة خلف المقيم
ولأنه عذر بغير فرض الصلاة فوجب أن لا يمنع من الإتيان بغرض الرفاهية كالمرض ولأنها صلاة مفروضة فصح أن تؤدى في السفر فرض الحضر
أصله : الصلوات التي لا تقصر وهي المغرب والصبح . ولا يدخل عليها صلاة الجمعة لأن المسافر لو صلاها في سفر لم تجزه عن فرضه ، ولأن الأعذار المؤثرة في الصلاة تخفيفاً إنما تؤثر فيها رخصة لا وجوباً كالمرض ، ولأن السفر إذا اقتضى رفقاً في الصلاة كان ذلك رخصة لا عزيمة كالجمع بين الصلاتين ؛ ولأن من جاز منه القصر صح منه الإتمام كالمسافر إذا صلى خلف مقيم ، ولأن كل ركعات استوفاها في فرضه خلف الإمام وجب إذا انفرد أن تكون تلك الركعات فرضه كالمقيم