پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص361

أن الثلاثة حد السفر وما دونها ليس بسفر ، إذ لا يجوز أن تسافر بغير ذي محرم . وبما روي عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ يمسح المسافر ثلاثة أيامٍ ولياليهن ‘ فقصد بإدخال الألف واللام جنس المسافر فأباحهم المسح ثلاثاً ، فعلم أن من لا يكرر المسح ثلاثاً ليس بمسافر ، قالوا : ولأن الثلاثة أقل الكثير وأكثر القليل ، ولا يجوز له القصر في قليل السفر ، فوجب أن يكون أقل الكثير وهو الثلاث حداً له

ودليلنا عموم قوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصلاة ) [ النساء : 101 ] فاقتضى هذا الظاهر جواز القصر في جميع السفر إلا ما خصه الدليل من مسافره دون اليوم والليلة

وروى عطاء عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد وذلك من مكة إلى عسفان ‘

ولأنها مسافة تلحق المشقة في قطعها غالباً ، فوجب أن يجوز القصر فيها كالثلاث ، ولأنها مسافة تستوفى فيها أوقات الصلوات الخمس على وجه التكرار في العادة ، فجاز له القصر فيها كالثلاث ، ولأنه زمان مضروب المسح فجاز أن يكون حد السفر للقصر كالثلاث ، ولأن كل زمان تكررت فيه الفريضة الواحدة لم يكن حد السفر القصر كالأسبوعين في تكرار الجمعتين

فأما الجواب عن قوله ( ص ) : ‘ لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيامٍ إلا مع ذي محرمٍ ‘

فقد روي مسافة يوم ، وروي مسافة يومين فلما اختلفت فيه الروايات لم يجز الاستدلال به

وأما حديث المسح فلا حجة فيه لأنه يقدر على مسح الثلاث في مسافة يوم وليلة إذا سار ما في ثلاث

وأما الجواب عن قوله الثلاث أقل حد الكثير فلا يصح من وجهين :

أحدهما : أن الثلاث في الشرع معتبرة بحكم ما دونها لا بحكم ما زاد عليها كشرط الخيار ، وحد المقام ، واستتابة المرتد فاقتضى أن يعتبر بها في السفر حكم ما دونها ونحن كذا نقول

والثاني : أن اعتبار الثلاث فيما يتعلق بالزمان ، والاعتبار في السفر بالسير لا بالزمان ، فلم يكن لاعتباره في الثلاث وجه

( فصل )

: فإذا ثبت أن القصر يجوز في أربعة برد وهو ستة عشر فرسخاً ، وهو ثمانية وأربعون ميلاً ، فلا اعتبار بالزمان معها إذا كان قدر المسافة ما ذكرنا لأن الزمان قد يوجد خالياً