پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص334

وبقوله ( ص ) : ‘ وأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله تعالى ‘ . فجعل الشهادتين علماً في تحريم قتالهم وحقن دمائهم دون الصلاة ، وروي أن رجلاً مر برسول الله ( ص ) فقال اعدل يا محمد فإنك لم تعدل فقال : ‘ إذا لم أعدل أنا فمن يعدل ‘ وبعث أبا بكر رضي الله عنه وراءه ليقتله ، فوجده يصلي فرجع ، وقال ما قتلته لأني رأيته يصلي وقد نهيت عن قتل المصلين ، فبعث عمر رضي الله عنه وراءه ليقتله ، فرجع كذلك ، فبعث بعلي وراءه وقال إنك لن تدركه فذهب علي رضي الله عنه فلم يجده

فموضع الدليل هو أن الرجل لو كان مسلماً بالصلاة ، وقد أخبره أبو بكر رضي الله عنه بصلاته لم يأمر عمر وعلياً رضي الله عنهما بقتله

فإن قيل : لعله صلى منفردا فلم يكن ذلك إسلاما منه .

قيل : ترك رسول الله ( ص ) السؤال عن كيفية صلاته دليل على اتفاق الحكم مع اختلاف الأحوال ، ولأن كل ما لا يكون مسلماً بفعله منفرداً لا يكون مسلماً بفعله جامعاً كالمصلي في السفر ، ولأن كل فعل لا يكون كافراً بتركه فلا يحكم بإسلامه عند فعله ، أصله إذا صلى منفرداً ، ولأن كل فعل لو فعله منفرداً لم يحكم بإسلامه يجب إذا فعله في جماعة ألا يحكم بإسلامه كالجهاد ، ولأنه فرع من فروع الدين فوجب أن لا يستدل به على إسلامه كالزكاة والصيام

فأما الجواب عن احتجاجهم بقوله سبحانه : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) [ التوبة : 18 ] فمن وجهين :

أحدهما : أن المراد بالعمارة البناء دون إقامة الصلاة اعتباراً بحقيقة الاسم وعرفه ، كيف وقد قال تعالى فيها : ( وأقام الصلاة وآتى الزكاة ) [ التوبة : 18 ] فلو كان المراد بالعمارة إقامة الصلاة لم يعد ذكر الإقامة ثانية

والجواب الثاني : أن لو سلمنا لهم أن المراد بها إقامة الصلاة لم يكن فيه حجة ، لأنه لم يجعل من عمر مساجد الله مؤمناً بالله ، وإنما قال المؤمن من يعمر مساجد الله ، فجعل الإيمان دلالة على العمارة ودلالة على الإيمان

وأما الجواب عن قوله ( ص ) : ‘ من استقبل قبلتنا . . الحديث ‘ فنحن نقول بموجبه ، وإن صلى صلاتنا كان له ما لنا وعليه ما علينا ، غير أن الكافر لا صلاة له ؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بعد تقديم الإيمان ، وكذلك الجواب عن قوله ( ص ) : ‘ ألا إني نهيت عن قتل المصلين ‘