الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص328
وقال أبو حنيفة : لا تصح صلاته ولا تجوز إمامته
وهذا خطأ لرواية حماد عن أيوب عن عمرو بن سلمة قال : كنتُ بالحاضرة وكان كل من يأتي رسول الله ( ص ) يمر بنا فإذا رجع قال : قال رسول الله ( ص ) كذا وكذا فأحفظ ، وكنت عاقلاً حافظاً ، فحفظت أكثر القرآن ثم انطلق بي قومي إلى رسول الله ( ص ) وفداً ، فعلّمهم الصلاة وقال يؤمكم أقرؤكم فقالوا هذا أقرؤنا يعنونني فكنت أصلي بهم وعلى جنائزهم وأنا ابن تسع أو ثمان سنين . وروت عائشة رضي الله عنها قالت : كنا نأخذ الصبيان من الكتاب ليصلوا بنا في شهر رمضان ونعمل لهم القبليّة والحسكات
قال الماوردي : وهو صحيح ، أصل الفسق الخروج من الشيء قال الله تعالى : ( ففسق عن أمر ربه ) [ الكهف : 50 ] . أي خرج من طاعته ، والعرب تقول : فلان فاسق إذا كان عريان قد تجرد من أثوابه ، وتقول : فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها ؛ فالفاسق في دينه : هو الخارج من طاعة ربه عز وجل ، فكره إمامته ، ويمنع منها لقوله ( ص ) : ‘ يؤمكم أقرؤكم ‘ فأجهر بالفضل في الذكر ونبه على الفضل في غير الذكر ، فكأنه قال : أصلحكم وأودعكم وأرشدكم . وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ليؤمكم خياركم ‘ . وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ انتقدوا أئمتكم انتقاد الدراهم والدنانير ‘
فإذا تقرر أن إمامة الفاسق ممنوع منها فالفسق على ضربين :
أحدهما : أن يخرجه من الملة ويباين به أهل الشريعة ويصير به كافراً ، كشارب الخمر بعينها ويعتقد إباحتها وتحليلها ، أو من زنى أو لاط مصراً لا يرى ذلك حراماً ، ولا أنه عند الله عظيم ، وإذا استحل الأموال المحظورة استخفافاً بحق الله سبحانه ، أو اسْتباح سفك الدماء المحقونة اجتراء على الله تعالى ، فمن كان بهذه المثابة من الفسق فهو كافر وإمامته غير جائزة ، فمن ائتم به كان كمن ائتم بكافر على ما نذكر الحكم فيه
والضرب الثاني : من الفسق ما لا يخرج من الملة ، ولا يباين به أهل الشريعة ، وهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون في الفعل
والثاني : أن يكون في الإعتقاد . فالفاسق بفعله ك ‘ شارب الخمر ‘ نادماً ، والمقدم على