الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص318
أحدها : أن جابر بن عبد الله وهو راوي الحديث يقول : كان معاذٌ بن جبل يصلي خلف رسول الله ( ص ) العشاء الآخرة ثم ينصرف فيصلي بقومه ، هي لهم فريضة وله نافلة ‘ وجابر لا يقول هذا إلا عن علم
والثاني : أن رسول الله ( ص ) يقول : ‘ إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة ‘ فكيف يجوز لمعاذ مع سماع هذا أن يصلي النافلة عند قيام المكتوبة
والثالث : أن معاذ كان يعلم أن فرضه خلف رسول الله ( ص ) أفضل من فرضه إماماً بقومه ، وهو لا يختار لنفسه إلا أفضل الحالين ، ولا يجوز أن يظن به اختيار أنقصهما
وروي أن النبي ( ص ) حين قال : ‘ يؤمكم أقرؤكم لكتاب الله عز وجل ‘ قالت بنو سلمة هذا أقرؤنا يا رسول الله ، يعنون عمرو بن سلمة ، وكان صغيراً لم يبلغ
فقال ( ص ) : ‘ يؤمُّكم معاذ ، إن صلاة غير البالغ نافلة له ، فقد جوز للمفترضين أن يصلوا خلفه ، ولأن ما ذكرناه إجماع الصحابة ، بدليل ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى بالناس ، فسمع من خلفه صوتاً ، فقال عزمت على من كان منه هذا إلا قام فتوضأ وأعاد صلاته ، فلم يقم أحد ، ثم أعاد الثانية فلم يقم أحد ، فقال له في الثالثة العبّاس بن عبد المطلب ، وقيل بل قال له جرير بن عبد الله : لو عزمت علينا كلنا فقمنا ، فقال عمر رضي الله عنه : لقد كنت سيداً في الجاهلية وسيداً في الإسلام ، ثم قال عمر رضي الله عنه : قد عزمت عليكم كلكم وأنا معكم ثم مضوا فتوضؤا وعادوا فصلى بهم عمر رضي الله عنه ‘ فكانت صلاة عمر رضي الله عنه نافلة ، وصلاة من خرجت منه الريح فريضة ، ولم ينكر أحد من الصحابة ذلك فدل على إجماعهم ولأنهما صلاتان متفقتان في الأفعال الظاهرة تؤدى جماعة وفرادى فجاز أن تؤدى إحداهما خلف الأخرى
أصله : مع أبي حنيفة صلاة المتنفل خلف المفترض
وقولنا : متفقتان في الأفعال الظاهرة ، احترازاً من المفترض يصلي خلف من يصلي ‘ الكسوف ‘ ، وقولنا : فرادى احترازاً من الجمعة خلف الظهر ، ولأن الجماعة لما اشترطت للفضيلة لا للفريضة جاز أن يختلفا في النية ، كالنوافل المختلفة ، ولأنه لو كانت المساواة في النية شرطاً معتبر المنع المتنفل من الصلاة خلف المفترض ، لاختلافهما في النية ، وفي ذلك دليل على أن المساواة في النية غير معتبرة
فأما الجواب عن قوله ( ص ) . ‘ إنما جعل الإمام ليؤتم به ‘